لا أحد كان يتوقع حدوث هذا السيناريو: رحيل الجنرال زين العابدين بن علي ذي القبضة الحديدية الخانقة عن أرض تونس وسمائها عشية 14 جانفي 2011 بطريقة مرتجلة يكتنفها الغموض، ولا أحد قد احتاط لذلك على الأقل بتصور المقتضيات العاجلة، فبدا هذا الارتباك عند التردّد في استخدام آلية الدستور[1] بما جعل البلاد تشهد تعاقب رئيسين في أقلّ من أربع وعشرين ساعة بعد أن هيمن عليها رئيسان لفترة نصف قرن ونيف[2]! ، و تتالت الأخطاء في ظلّ حكومة السيد محمد الغنوشي إلى أن أجبره الحراك الجماهيري في محيط مقر الحكومة أو ما أصبح يعرف بمصطلح “اعتصام القصبة” على الاستقالة وعيّن الرئيس المؤقت السيد فؤاد المبزع رجلا من رجال العهد البورقيبي السيد الباجي قائد السبسي للاضطلاع بأعباء المرحلة الانتقالية، مع الإعلان في ذات الوقت عن تعليق العمل بالدستور القديم وتحديد موعد لانتخابات تعدّدية تفضي إلى إنشاء مجلس تأسيسي في منتصف صائفة 2011.

الثورة التونسية

الثورة التونسية

تؤكّد أحداث الأربعين يوما التي تلت فرار الرئيس التونسي المخلوع إذن أن الثورة لم يكن مخططا لها بالشكل الذي يضمن تحقيق أهدافها بسرعة وفعالية، فكانت ثورة شعب رفع شعار إسقاط النظام دون أن يتهيأ لإمكانية تحقق مطلبه هذا !،  فوسط الارتباك الحكومي والتردد الواضح في التعامل مع الماضي مجسّدا في رموز النظام السابق ومؤسساته ، عاد المُهجرون من المنافي بسرعة وتتالى تأسيس الأحزاب السياسية استعدادا لاستحقاقات المرحلة المقبلة، وتواصل الوضع الأمني مضطربا حتى بلغ يوم 25 فيفري حدّ الاعتداء العنيف على أحد رموز السيادة الوطنية مقـرِّ وزارة الداخلية الشامخ المهيب وسط الشارع الرئيسي في العاصمة وهو صورة عن هيبة الدولة وقسوتها، و كان الشارع ذاته قد احتضن الآلاف من المنادين برحيل بن علي عشية يوم 14 جانفي بينما كان سجناء سياسيون يقبعون في أقبية هذه الوزارة يسمعون صدى هتافات الناس وهم تحت الأرض لا يرون من سماء الحرية أو أفقها المفتوح إلا بصيصا من الضوء يتسع شيئا فشيئا تحت وقع الحناجر المدوية.

في ظلّ تجاذبات عنيفة تستدرج الثورة الشعبية إلى ساحتها للاستحواذ على منجزها، تضمَّن الخطاب الرئاسي[3] الذي رسم خارطة طريق الفترة الانتقالية في معرض حديثه عن بعث “هيئة تحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي” إشارة إلى رجال المرحلة فهذه الهيئة متكونة من “شخصيات سياسية وطنية وممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية والهيئات والمنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني المعنية بالشأن الوطني في العاصمة والجهات ممن شاركوا في الثورة وساندوها[4].

وتفجر هذه العبارة الأخيرة سؤالا يحوم حوله كثير من الغموض: كيف يحدّد شكل المشاركة في الثورة ومساندتها، ومن يمتلك اليوم شرعية المحاسبة والإقصاء؟؟

فأعطى هذا المنطوق الرئاسي الشرعية لسؤال ظلّ يتردّد بشكل خافت في وسائل الإعلام وفي أوساط النخبة وبين الناس في الشارع: أين كنت قبل 14 جانفي؟ وهو سؤال يستعمله الجميع في وجه الجميع، في محاولة لاستصفاء من ثبتت معارضته نظام بن علي من داخل البلاد لا من خارجها، من خارج مختلف أجهزة الحكم لا من داخلها!  وهؤلاء يمثلون القلة القليلة التي لا يمكنها الآن بمفردها النهوض بأعباء الانتقال السياسي بينما الجميع يتفرجون وإن كان لأفرادها شرف التضحية بالرخاء الاجتماعي الذي كانت توفره مهادنة النظام السابق والسير في ركابه.

ولئن اعتبر البعض هذا التراشق بالتهمة المنكرة التي يتنصل منها الجميع، تهمة مولاة النظام البائد أمرا طبيعيا ومن تداعيات أي ثورة يتغير فيها نظام الحكم فإنها تفتح المجال أمام الحديث عن الشرعية النضالية وتحديد المدى الزمني الذي ولدت في أرحامه ثورة شعب أفضت إلى سقوط أحد أعتى الأنظمة السياسية القمعية في العالم خلال العصر الحديث، وسنعرض إلى بعض الإرهاصات من موقع المعاينة في محاولة لتوصيف الحالة الثورية التونسية وإبراز مختلف دعائمها انتصارا لطابعها النموذجي المميّز وهي تنحصر في ثلاث مواجهات كبرى مع نظام السابع من نوفمبر بثلاث أدوات مختلفة : القلم والحجارة والنار نسميها تباعا: النشاز والحصار والانتحار.

النـــشــــاز

نشرت الكاتبة الصحفية نزيهة رجيبة المعروفة في الأوساط الحقوقية بكنية “أم زياد” أول مقال صحفي انتقد تحوّل السابع من نوفمبر ففي شهر جانفي 1988 وتحت عنوان “نشاز” كتبت أم زياد في صحيفة الرأي[5] مقالا جاء فيه:”إن إخواننا حملة القلم … خرجوا من جحورهم كما يخرج الحلزون بعد المطر يتبعه لعابه اللزج البغيض خرجوا يؤيدون ويشكرون ويثنون ويمدحون …، خرج الانتهازي يوصي الرئيس بالاحتراس من الانتهازيين

نزيهة رجيبة (أم زياد)

والمداح يحذره من المداحين والطبال يرقيه من الطبالين.

فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله إذن نحن الذين صنعوا بورقيبة الأول  و ها نحن بصدد صنع بورقيبة الثاني فما الحل يجب أن يتطوع أحدنا للتصدي لما كتب الحلزون عن الرجل وحكومته والحدث وخلفياته والبيان وأبعاده والشعب ورد فعله[6]

تصدت أم زياد في هذا المقال إلى صورة الرئيس الجديد التي يسعى المتملقون إلى غرسها في الوجدان التونسي فنبهت إلى كونه سليلَ الوسط الأمني وإلى علاقته الوثيقة باعتقال الإسلاميين والتنكيل بهم في المحتشدات والمنافي والسجون، كما تصدت لحدث الانقلاب الموصوف بالتاريخي مبرزةً أنه وإن كان مفاجئا فإنه ليس من الخوارق وقد كان يمكن على حد قولها لمحمد مزالي أن يقوم بذلك ولن يكلفه الأمر مجازفة أكبر من مجازفته بالتسلل عبر الحدود[7] ، كما تصدت للبيان في ذاته وهو الذي اعتبره الكثيرون في إبانه نصا مؤسّسا يَعِد بحياة سياسية أصيلةٍ وراقيةٍ التـقت فيها مطامح النخبة بشتى فصائلها، فبيّنت أن بعض الجزئيات فيه تستوجب التحفظ من ذلك نعت الديمقراطية بالمسؤولة متسائلة : لماذا هذا التوضيح أفلا وراءه وصاية  (طبعة جديد منقحة) على ديمقراطيتنا ومنفذ شرعي لإقصاء كل من تحدثه نفسه بممارسة ديمقراطية حقيقية بحجة عدم تحليه بمسؤولية يبقى للجماعة الحق في تحديد مفهومها؟[8]

وبلغ نص”نشاز” الذروة في التهكّم على مواقف مؤيدي السابع من نوفمبر من المواطنين مبرزة أن قولهم الشعب التونسي متحضر وأنه ناضج وأنه كان في مستوى الحدث وأنه تجاوب مع الحدث بعفوية وتلقائية لتقول : المغنون المشارقة الذين يفدون علينا طلبا للانتشار يقولون : الشعب التونسي الحبيب شعب عظيم وزواء (ذواق) وسميعومارسيل خليفة وقف على هذه الحقيقة الرائعة لما غنى في قرطاج عن الطفل الفلسطيني والطيارة الإسرائيلية فرقص القوم على نغماتهوابن خلدون الذي صرح بأن الإنسان مدني بالطبع كان أحرى به أن يخص أهل بلده بفصل يسميه ( الإنسان التونسي مصفق بالطبع)[9]

ومنذ ذلك النص الذي أصبح علامة فارقة لأنه انتقد نظام بن علي في وقت مبكّر جدا صفّق فيه الجميع لما في بيانه من وعود شكّلت منتهى ما كانت تطمح إليه المعارضة الوطنية، أخذت منظومة النشاز تتطوّر تدريجيا وتدعمت أركانها بأصوات من المعارضة جرّبت الانضمام إلى النظام الجديد واكتشفت لاحقا تنصله شيئا فشيئا من الوعود التي قطعها على نفسه، وقد تشكلت ملامح هذه المنظومة من المعارضة المنتشرة في الدول الأوروبية والمكونة من مناضلين إسلاميـين غادروا تحت وطأة المحاكمات التي جرى تنظيمها في مفتتح التسعينات لأتباع حركة النهضة المحظورة بوصفهم “مجرمي حق عام” وكذلك مناضلين من مختلف الاتجاهات التقوا في معارضة نظام السابع من نوفمبر وذوّبوا تناقضاتهم الإيديولوجية، وكانت شبكة الانترنت الفضاء الحيوي الملائم لاحتواء هذا النشاز ذي الصوت العالي والوصول به حدّ التصادم المباشر مع النظام.

من 2000 إلى 2005 كان الفقيد زهير اليحياوي رأس الحربة في المعارضة الالكترونية التي لا تعترف بقانون اللعبة “الديمقراطية التونسية:الاختلاف تحت سقف بن علي“.

أطلق زهير اليحياوي الحاصل على الماجيستير في الاقتصاد والعاطل عن العمل سنة 2001  موقعا الكترونيا بعنوان (Tunezine) وهي كلمة مركبة من جزئين الأول نصف كلمة تونس والثاني اسم الرئيس زين، وسرعان ما تحول هذا الموقع إلى نقطة استقطاب وجاذبية في الفضاء الافتراضي الالكتروني خصوصا بتركيزه على أخبار النشطاء السياسيين الأكثر عرضة للقمع والتعذيب وكذلك بنقده المباشر واللاذع لمختلف أجهزة الحكم وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة، ولم يتردّد في مواكبة الاستفتاء العام الذي جرى تنظيمه سنة 2002 لتعديل فصول من الدستور ليتمكن بن علي من تمديد فترة بقائه على رأس الجمهورية التونسية باستفتاء الكتروني ساخر يطرح سؤال: “هل تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوانات أم سجن؟”  كما نشر لاحقا نصّ الرسالة التي وجهها عمه القاضي مختار اليحياوي إلى رئيس الجمهورية يشكو فيها انخرام جهاز القضاء وتبعيته مما انجرّ عنه فصله من العمل وسجن زهير اليحياوي[10] بعد حملة تتبع وتعذيب انتهت إلى الحكم عليه بسنتين نافذتين قضى منهما ثمانية عشر شهرا استطاع خلالها أن يلفت انتباه المنظمات الحقوقية الدولية التي ساندته بل وأسندت إليه جائزة الحرية في الفضاء السيبراني، ولم تمض إلا أشهر قليلة على مغادرته السجن حيث شن إضرابات جوع متتالية احتجاجا على التعذيب وسوء المعاملة حتى أصيب بنوبة قلبية فارق على إثرها الحياة في 13 مارس 2005 ليظلّ موقعه الالكتروني[11] شاهدا على فترة من أحلك الفترات في تاريخ تونس الحديث بالنظر في حجم المظالم التي أصابت النشطاء الحقوقيين وكل من تصدّى لنظام الرئيس بن علي وعارضه بشدّة، وظلّت أصداء هذه المعارضة القوية المزعجة لنظام الرئيس بن علي محدودة الانتشار جماهيريا بل معزولة بفعل آلة الرقابة على الانترنت وهي من أعتى ما يوجد في العالم.

إثر وفاته كتبت أم زياد في مقال بعنوان” زهيري أنا” تقول :
كانت ندوة جينيف التحضيرية لقمة مجتمع المعلومات مناسبة ثمينة للقائي بزهير مطوّلا وهذا وجه من وجوه مأساتنا في تونس حيث تكثر الهموم وينشغل كلّ بهمّه ويعزّ اللقاء. ولا أراني أبالغ إذا قلت إنّ زهير اليحياوي عاش خلال هذه الندوة آخر أيامه النضالية الجميلة حيث كان محطّ عناية الجميع ومحاطا بعائلته النضالية المحبّة له.
كان لي من لقاء زهير في هذه الندوة نصيب محترم إن لم أقل كبير تدعّم فيه ما بيننا من علاقة مليئة بالاحترام المتبادل والتواطؤ الماكر بين كاتبين خارجين عن النصّ، بين عجوز ثائرة وشاب تونسيّ “مْتيقرْ” (أي غاضب بلغة زهير) من الوضع التونسي البائس ومن قلّة الثوّار في صفوف شيوخ النضال.
[12]

ويكشف هذا النصُّ الـرثائي المكتوب بلغة تفيض أمومة وإحساسا بالقهر حجم التعاضد الذي اتسمت به المقاومة الالكترونية لا بين مختلف التناقضات الفكرية بل بين مختلف الفئات العمرية أيضا، كما أشارت إلى حدث مهم اعتبر في إبانه شكلا متقدما من أشكال النضال الفكري الذي خاضته النخب ضد نظام بن علي بمناسبة انعقاد مؤتمر قمة المعلومات في نصفه الثاني بتونس سنة 2005 والذي أفضى إلى تشكيل جبهة 18 أكتوبر التي انطلقت من إضراب جوع نظمته وجوه ناشطة في المعارضة لتشوّش على مناخ مزيف أراد نظام بن علي تسويقه بمناسبة انعقاد هذا الحدث الأممي البارز على أرض تونس،وكان من تداعياتها الإيجابية توحيد صفوف المعارضة وانضمام الجناح الإسلامي ممثلا في النهضة إلى حركة ذات أصول يسارية أساسا ويقول في هذا الصدد أحد المنتمين إلى حركة آفاق اليسارية التي طالها القمع في مرحلة بورقيبة واصفا هذه الحركة الجديدة:” لا شك في أن حركة 18 أكتوبر تلبّي حاجة تاريخية في مسيرتنا الوطنية وهي الحاجة الملحة إلى إرساء الحريات للجميع، بما فيه لخصومنا بل وبالخصوص لخصومنا، لا سيما وأن خصومنا هم أبناء هذا الوطن وطالما لم يلجؤوا الى العنف أو الإكراه في عملهم السياسي فانه يفترض أن تكون لهم جميع حقوق المواطنة. وبالإضافة إلى الموقف المبدئي القائل بأن الحرية لا تجزّأ والذي قد يعتبره البعض مثاليا فان حرية عمل خصومنا هي ضمان لحرية عملنا. ونحن نرى اليوم أن ضرب حركة النهضة أدّى إلى ضرب أو محاصرة جميع أطياف المعارضة[13]“.

 ومن أبرز الوجوه التي ظهرت في تلك الفترة المحامي محمد عبو الذي نشر مقالين الأول بتاريخ 26 أوت 2004 بعنوان “أبو غريب العراق وأبو غرائب تونس”  وفيه يكشف النقاب عن ممارسة التعذيب في أقبية وزارة الداخلية التونسية وفي مختلف السجون الراجعة بالنظر إلى وزارة العدل أما الثاني فكان بعنوان:”بن علي – شارون” وفيه يعقد مقاربة ساخرة بين الرجلين على خلفية الدعوة التي وجهها بن علي إلى شارون لحضور قمة المعلومات وقد أثارت هذه الدعوة في حينها استياء الشارع التونسي ولم تصمد مظاهرات الاحتجاج في شوارع العاصمة طويلا أمام قوة البوليس. أصبح محمد عبو[14] منذ هذين المقالين مطلوبا للعدالة وتم اعتقاله فعلا ولفقت له تهمة أتاحت لأجهزة العدالة معاملته بوصفه “مجرم حق عام” ليمكث في السجون التونسية سنتين وثلاثة أشهر تفننت خلالها أجهزة البوليس السياسي في التضييق على أفراد عائلته والنشطاء السياسيين والحقوقيين كلما أرادوا زيارته بينما ظلت صورته تتصدر أسبوعيا الصفحة الأولى لجريدة الموقف التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي والتي كانت النافذة الوحيدة للمعارضة التونسية الجادة وغير المرغوب فيها عبر الصحافة الورقية التقليدية وكانت بدورها عرضة لشتى أنواع التضييق والمنع.

مثلت تجارب أم زياد، وزهير اليحياوي ومحمد عبو إضافة إلى تجارب أخرى يصعب حصرها نواة تراكمت حولها تجارب أخرى في الفضاء الالكتروني -المجال الوحيد لنشر ثقافة النشاز هذه- وقد أتاحت الشبكة الاجتماعية “فايسبوك” بتقنياتها المعقدة من استقطاب التونسيين بأعداد كبيرة خصوصا بعد أن تدخل رئيس الدولة بنفسه لإلغاء قرار اتخذ بمنعها في تونس سنة 2007 وقوبل بحركة احتجاج واسعة في الصحافة العالمية ولدى المنظمات المعنية بحرية التعبير والحريات الأساسية عامة.

الــــــحصار

اندلعت خلال شهر جانفي2008 أزمة اجتماعية حادة في منطقة الجنوب الغربي الغنية بمناجم الفسفاط سميت بانتفاضة الحوض المنجمي وشملت مناطق الرديف والمتلوي والمضيلة وأم العرائس، وقد بدأت الأحداث يوم 5 جانفي 2008 بشنّ 21 فردا من العاطلين عن العمل إضرابا مفتوحا عن الطعام بمقر الإتحاد المحلي للشغل من أجل حقهم في الشغل القار، وقد صدرت عن اجتماع النقابات الأساسية ليوم 7 جانفي 2008 لائحة تتهم نقابات المناجم وسلطة الإشراف بالتسبب في هذا التوتّر بعد قيام شركة “فسفاط قفصة” بعملية انتداب تفتقر إلى الشفافية والمصداقية[15]، وتطور ذلك إلى حركة احتجاج شعبية واسعة شملت جميع فئات المجتمع من عمال و طلاب إضافة إلى المعطلين عن العمل واعتبر النقابيون الراديكاليون ذلك نتيجة لانسداد الأفق وصعوبة الأوضاع المعيشية بالجنوب التونسي بعد تعثر كل سبل التفاوض مع سلط الإشراف التي تعاملت مع ملف المعطلين عن العمل بالمماطلة واللامبالاة، إلى جانب الفساد المتفشي في الإدارة والمتمثل في حرمان شباب الجهة من تساوي الفرص في عديد المناظرات[16].

وتواصلت أزمة الحوض المنجمي فترة لا تقل عن سبعة أشهر سقط خلالها عديد القتلى والجرحى من بينهم شاب توفي  بصعقة كهربائية يوم 6 ماي بعد أن اعتصم بمولد كهربائي عالي الضغط وأصدر ممثل السلطة العمومية الأمر بإرجاع التيار الكهربائي ما أدّى إلى وفاة الشاب وبقائه ملقى على الأرض ساعات طويلة قبل أن تطوق وحدات الأمن الساحة التي يقع فيها المولد وتنقل الجثة دون أن تقع محاسبة المتسببين بشكل مباشر واستعراضي في عملية القتل هذه، وهو ما أعطى رسالة واضحة للمحتجين على مدى شراسة النظام البوليسي وآلته القمعية، هذه الشراسة تجسدت كذلك خلال المحاكمات التي جرت لمحاسبة من وقع إلقاء القبض عليهم خلال المواجهات الدامية وقد أحيل على أنظار القضاء 38 فردا على رأسهم النقابي عدنان الحاجي وبشير العبيدي ، وعشرة أفراد بحالة سراح وتراوحت الأحكام بين ثلاثة أشهر وعشر سنوات نافذة.

إجرائيا اتخذت السلطة التنفيذية عدة قرارات بعضُها تقني سياسي وبعضها ذو طابع اجتماعي من ضمنها تقديمُ موعد استكمال تهيئة أحواض التخزين بالنسبة إلى مغاسل الفسفاط بالرديف وأم العرائس والمظيلة من سنة 2011 إلى 2009، والشروع في الانتداب والتشغيل عبر شركات المناولات، وتشجيع الشبان على إنشاء مشاريع بيئية صغيرة والتعويض بالتشغيل لأبناء المتوفين بسبب حوادث شغل في المناجم، إضافة إلى إجراء حركة واسعة شملت السلط الحزبية والإدارية والسياسية في شركة فسفاط قفصة وولاية قفصة عموما.

عدنان الحاجي

عدنان الحاجي

خلال ثلاثة وعشرين عاما من حكم الرئيس زين العابدين بن علي، كانت التحركات الشعبية شبه منعدمة وتكاد تكون المباريات الرياضية الساخنة المجال الحيوي الوحيد لممارسة العنف بوصفه تعبيرا عن عقيدة جماعية أو دفاعا عن موقف، والحال أن ظاهرة العنف ظلت في ازدياد مطّرد في المجتمع التونسي واتّخذت أشكالا متعدّدة منها ما هو فردي تلقائي ومنها ما هو جماعي مؤطر وفي هذا السياق قال باحث في علم الاجتماع :”إن العنف الفردي تبدو الاستعدادات لممارسته في مجتمعنا قوية جدّا، فهناك إقرار من كثير من علماء النفس وعلماء الاجتماع بأن أسوأ شارع عربي على مستوى اللسان والملفوظ هو الشارع التونسي, وتلك مقدمة طبيعية لعنف أقوى وأخطر على مستوى الممارسة. فالشارع التونسي يستعمل ملفوظات عنيفة في بذاءتها تمثل محفزات حقيقية لممارسة العنف المادي..”[17] وكان التجمع الدستوري الديمقراطي ” حزب الأغلبية” والحزب الحاكم الذي تعتبره أدبيات العمل السياسي “الجهة المؤتمنة على التغيير بما هو جهد يومي مشترك” يحتكر الحياة السياسية ومختلف أوجه النشاط الجماهيري ولم تكن القوى الناشطة تحت راية المنظمة الشغيلة بقادرة على أن تتجاوز “ساحة محمد علي” التي يقع فيها مقر الاتحاد العام التونسي للشغل كلما بلغ الاحتقان أوجه بين المنظمة والسلطة وقد قام الاتحاد بأدوار مهمة إبان حكم الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وكانت أقوى هزة اجتماعية حصلت خلال مرحلة الوزير الأول الهادي نويرة مهندس الاقتصاد التونسي الليبرالي هي أحداث الخميس الأسود في 26 جانفي 1978 كما كان للاتحاد دور في تحريك الشارع أيام ثورة الخبز في 03 جانفي 1984 ، وسيتّضح لاحقا الدور الذي يمكن أن يكون اتحاد الشغل قد قام به يوم 14 جانفي 2011 لاحتواء الحراك الشعبي العفوي وتأطيره لتمكين الشارع من الصمود في وجه القبضة الأمنية الشرسة، وقد ربط البعض بين خطاب بن علي الأخير ليلة 13 جانفي ودعوة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إضراب عام بالعاصمة يوم 14 جانفي.

الانتـــحار

أقدم الشاب محمد البوعزيزي أصيل منطقة سيدي بوزيد الواقعة في الوسط الغربي للبلاد التونسية على إضرام النار في نفسه يوم 17 ديسمبر 2010 بعد أن عنفه موظفو البلدية وحجزوا عربته التي يستعملها لبيع الخضر والغلال. وتعاطفا معه تظاهر المواطنون أمام مقرّ المحافظة وبدأت المواجهات الدامية مع البوليس تنتشر وتتوسع خارج المنطقة لتشمل مناطق أخرى رافعة لأول مرة شعارا ذكيّا يختصر الأزمة الاجتماعية التونسية وينسف ببلاغة مختصرة الآلة الديماغوجية لنظام الرئيس بن علي “التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق”.

ويمثل هذا الشعار الذي تناقله الأهالي في المناطق المتاخمة لمحافظة سيدي بوزيد بؤرة التوتر الاجتماعي، دلالةً على أن المواجهة الشعبية لا تقف حدّ البيروقراطية المحلية المتسببة في حادث الانتحار، بل تتجاوزها إلى السلطة السياسية ذاتها إذ تمثل إخفاقاتها في مجال التشغيل وتفاقم أزمة البطالة في السنوات الأخيرة إضافة إلى عجز المشاريع الرامية إلى امتصاص طلبات الشغل الإضافية خصوصا في صفوف حاملي الشهادات الجامعية  القطرة التي أفاضت كأس الصبر والانتظار وجعلت الشعب يتحدّث علنا عن الفساد والمحسوبية والارتشاء في صفوف البطانة السياسية ومختلف ممثليها محليا وجهويا بلغة مباشرة وعلنية.

وفي أول تعليق رئاسي على ما جرى في سيدي بوزيد حرص النظام السابق على انتهاج نفس الأسلوب القديم في التعاطي مع الأزمة الاجتماعية حيث يعتبر الاحتجاج الشعبي مجرد أحداث معزولة تحركها أطراف خارجية تضمر الحقد لتونس، مؤكدا أن ذلك “هو مظهر سلبي وغير حضارى يعطي صورة مشوهة عن بلادنا تعوق اقبال المستثمرين والسواح بما ينعكس على احداثات الشغل التي نحن في حاجة اليها للحد من البطالة[18]

وكان واضحا من خلال التسلسل الدراماتيكي للأحداث والذي قامت فيه قناة الجزيرة القطرية وصفحات الشبكة الاجتماعية فايسبوك بدور محوري في توسيع رقعة الاحتجاج الشعبي وفضح الممارسات القمعية أن السلطة في تونس في مأزق حقيقي ومختلف عن المآزق السابقة وقد أخذت تنتهج سياسة الهروب إلى الأمام في محاولة لامتصاص الغضب الجماهيري وتوسع رقعة الحريق الاجتماعي، تدخل في هذا الإطار التغييرات التي وقع إدخالها على رأس مؤسسات الإعلام، والزيارة التي أداها الرئيس السابق إلى مستشفى الحروق البليغة ببن عروس حيث يرقد الشاب محمد البوعزيزي بين الحياة والموت واستقبال أفراد من عائلته وإغراقهم بالوعود الخلبية ، ثم ومع تزايد الضغط الشعبي جاء البيان الثاني وقوبل بتهكم كبير إذ كان واضحا من خلال لامعقولية الوعود التي تضمنها أن الرئيس لم يعد يفكر إلا في البقاء على رأس السلطة كلفه ذلك ما كلفه، فلم يكن الوعد بمضاعفة طاقة التشغيل وإحداث موارد الرزق وتنويع ميادينها ودعمها في كل الاختصاصات خلال سنتي 2011 و2012 بمجهود إضافي هام من قبل الدولة والقطاع العمومي وبتضافر جهود القطاع الخاص والقطاع البنكي إلا مناورة لم تقنع أحدا كما كان التعهد الرئاسي بأن يستوعب هذا المجهود كذلك كل حاملي الشهادات العليا الذين تجاوزت مدة بطالتهم عامين قبل موفى سنة 2012 لترتفع طاقة التشغيل الجملية خلال الفترة 2011-2012 إلى 300 ألف موطن شغل جديد[19]إلا لتزيد في حجم الهوة التي تفصل النظام عن الشعب في وقت بدا فيه للمتظاهرين في الشوارع والساحات العامة أن أفق هذه الانتفاضة مفتوح على كل الاحتمالات ولكن هل كان أحد لحظتها بقادر على تخيل ما سوف يقع عشية 14 جانفي ؟.

محمد البوعزيزي

محمد البوعزيزي

لم يكن البوعزيزي أوّل من أحرق نفسه ولا اتّضحت حتى الساعة أسباب غضبته التي جعلته في لحظة يقرّر إطعام النارِ جسدَه الفتيّ، فقد كان واضحا أن محمد البوعزيزي بائع الخضروات المتجول في شوارع سيدي بوزيد قد أشعل النار في أرض مستعدّة للحريق. لقد تجاهل النظام الرسمي على عادته هذه الحادثة ولم يعرها ما تستحق من العناية بما جعلها تتخذ في وسائل الإعلام العربية المهتمة بالشأن التونسي صياغة أخرى ابتعدت بها قليلا عن الواقع، فقد أثبتت الأحداث والتصريحات لاحقا أن هذا الشاب لم يكن من خريجي التعليم العالي وأن تصادمه مع المسؤولين البلديين ربما يكون بسبب بعض التراتيب البلدية الاعتيادية ومن ثمة تطورت المشادة الكلامية التي نشبت بينه وبين مسؤولة في مقر البلدية إلى تشابك واعتداء جسدي لم يستسغه إذ كان صادرا من أنثى في موقع رسمي على ذكر في موقع هامشي.

اختلطت في حادثة البوعزيزي دلالات عدّة منها صراع القيم الاجتماعية الناجم عن فكرة المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات وهي مفخرة[20] النظامين التونسيين الأول والثاني، وكذلك الصراع اليومي الذي تعيشه تونس بأكملها مع البيروقراطية المحلية المتنفذة بقوة الآلة الحزبية، فلا تخلو بلدية تونسية من هيمنة التجمع الدستوري الديمقراطي بما يجعل هذه الهياكل التي يفترض أن تكون فضاء للديمقراطية المحلية تتحول بدورها عن مهمتها الأصلية إلى واجهات سلطوية تحتل الصف الأمامي في مواجهة المواطن الأعزل.

ويذكر أن أول من أقدم على حرق نفسه داخل مقر البلدية احتجاجا على قوة الآلة البيروقراطية واستهتارها برغبة المواطن في العيش الكريم كان الشاب عبد السلام تريمش أصيل مدينة المنستير قد عجز يوم 4 مارس 201 عن مقابلة الكاتب العام للبلدية لفض إشكال يتعلق برخصة مزاولة مهنة على عربة متجولة فسكب البنزين على جسده وأضرم النار، وقد حرصت قوات الأمن التي ملأت مدينة المنستير يوم جنازته على ألا تتصادم مع المشيعين الغاضبين وهم يرشقون بلور البلدية بالحجارة ويرفعون شعارات معادية للنظام، ثم انتهت المسألة تدريجيا إلى النسيان ولم تتوسّع رقعة الحريق والغضب إلى مناطق أخرى بما يهدّد استقرار النظام السياسي، ولربما كان تفسير ذلك باختلاف السياق الجغرافي الذي حدثت فيه الواقعة الأولى والثانية، فلطالما اعْـتُبِرت المنستير محافظةً محظوظة أولا لأنها مسقط رأس الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي حباها طيلة فترة حكمه بامتيازات تنموية طورت بنيتها الأساسية، وثانيا لوجودها أصلا في موقع ساحلي ممتاز جعلها قبلة سياحية هامة، ولا يمكن التغافل عن الشعارات الفرعية التي ظهرت خلال أيام الثورة والتي ندّدت باختلال التوازن بين الجهات وخطورة تفضيل جهات الساحل في مقابل حرمان الجهات الداخلية عند تركيز المشاريع الكبرى وخلق مواطن الشغل.

كان رحيل بن علي المفاجئ والمرتجل أهم عامل ميّــز ثورة الشعب في تونس عن غيرها من الثورات، ففي ليلة 13 جانفي 2011، عندما قرّر الرئيس بن علي لعب الورقة الأخيرة بالإعلان عن منح المزيد من الحريات وعدم الاستجابة لمناشدات مريديه من أبناء التجمع الدستوري الديمقراطي الترشح في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 ، والشروع فورا في إدخال إصلاحات حقيقية على المنظومة السياسية في اتجاه التعددية الحقيقية، صدّق كثير من الناس تلك الوعود واعتبروها أقصى ما يمكن أن يُحقـقه ضغط الشارع، ولكن وقائع اليوم الأخير وأسرار هروب الجنرال كما فضحتها تصريحات شهود العيان فيما بعد إضافة إلى ما أمكن إظهاره من فساد تجاوز حدود الخيال داخل القصر الرئاسي جعل الثورة تتّخذ طابعها الأصيل: ثورة الحقّ على الباطل.

لقد اكتست حادثة البوعزيزي رداء أسطوريا أخذنا إلى عمق التاريخ القرطاجي وما تضمنه من قيم العزة والكرامة والحرية، فالتونسيون جميعهم يتلقون في سنوات التعليم الأولى درسا يصوّر انتحار الأميرة الذكية عليسة مؤسسة قرطاج التي أحرقت جسدها وفاء لروح بعلها وشبّ كل تونسي على عبارة “النار ولا العار” تلك العبارة حوّلها محمد البوعزيزي في شتاء سيدي بوزيد المقفر القاسي إلى صورة واقعية حيّة اختصرت معاناة كل المعطلين والمهمشين والمقموعين وضحايا التعذيب الوحشي في الأقبية والزنازين وكل الأصوات الحرة التي لم تستطع أن تغادر حناجرها لفرط تكلّس الحياة وتيبس أطرافها طيلة عقدين من الزمن.

ولذا فإن اختصار قائمة المشاركين في الثورة ومسانديها فيمن كان يهتف داخل مظاهرات شهر جانفي لإسقاط النظام أو داخل اعتصام القصبة في شهر فيفري لإسقاط الحكومة إنما هو اختصار للثورة ذاتها يقلّصها في مجرّد المطالبة بتغيـير أعلى هرم السلطة السياسية ومن ثمّة العودة إلى سياق الحياة الاجتماعية الاعتيادية وهي لا تخلو من تنوع ورخاء وفرص عيش طيبة للطبقة المتوسطة والبورجوازية الصاعدة والجهات المحظوظة تنمويا، ولكن الإصرار على اعتبار الثورة صنيعة كل شهداء تونس من عهد الكفاح الوطني حتى اليوم ونتاج حراك فكري أصيل وراق يؤمن بالنشاز في مقابل ثقافة القطيع السائدة إنما هو اعتراف بعمق هذه الثورة التي لا تريد تغيير نظام سياسي بآخر بل تطوير النموذج المجتمعي التونسي وفق رؤية إصلاحية حقيقية تستند إلى تجربة ديمقراطية يتطلّع إليها التونسي بشغف كبير لأنه يستحقها.

هوامش وإحالات:


[1] أعلن الوزير الأول عشية يوم 14 جانفي أنه يتسلم مقاليد السلطة بموجب الفصل 56 من الدستور التونسي مشيرا إلى غياب مؤقت لرئيس الدولة ثم تم الانتقال بسرعة إلى الفصل 57 من الدستور وتسليم السلطة إلى رئيس مجلس النواب باعتبار حدوث شغور نهائي، وظلت مسألة استخدام الفصل 57 مثار جدل لأن الدستور لم ينصص على حدوث شغور رئاسي في حالة هرب الرئيس

[2] الرئيس الأول الحبيب بورقيبة (1957-1987)،الرئيس الثاني زين العابدين بن علي (1987-2011)

[3] إشارة إلى خطاب الرئيس المؤقت يوم 3 مارس 2011.

[4] المصدر السابق

[5] من أهم  صحف الرأي المستقلة خلال حكم بورقيبة ولم يتسن لها في عهد بن علي معاودة الصدور لتترك فراغا رهيبا في الساحة الإعلامية التونسية

[6] نشاز: أم زياد منشور في موقع كلمة http://www.kalima-tunisie.info/magazine/num1/Nachaz.htm روجع يوم 9 مارس 2011

[7] في إشارة إلى حادثة هرب الوزيرالأول  محمد مزالي(1980-1986) عبر الحدود الجزائرية مشيا على الأقدام بعد أن فر من السجن سنة 1986

[8] نفس المصدر

[9] نفس المصدر

[10] توفي الشاب زهير اليحياوي يوم 13 مارس 2006 بعد إصابته بنوبة قلبية عن سن تناهز 36 سنة

[11] WWW.TUNEZINZ.NET  روجع يوم 9 مارس 2011

[12] مقال زهيري أنا، الكاتبة الصحفية نزيهة رجيبة المعروفة باسم أم زياد، يمكن مراجعته على العنوان التالي: https://batmonitor.com/magazine/num34/Mon Zou.htm

روجع يوم 10 مارس 2011

[13] حركة 18 أكتوبر والتيار الديمقراطي التقدمي، الطاهر بن حسين: http://www.perspectivestunisiennes.net/index.php?option=com_content&view=article&id=42:-18-&catid=17:points-de-vue (روجع المقال يوم 10 مارس 2011)

[14] يمكن مراجعة مقالي محمد عبو في نشرة يوم 03 مارس 2005 من أرشيف موقع تونيسنيوز الالكترونيhttp://www.tunisnews.net/3mars05.htm (روجعت يوم 10 مارس 2011)

[15] نشرية : ” الديمقراطية النقابية و السياسية ” عدد 119 ليوم 09 جانفي 2008

[16] نشرية تونسنيوز الالكترونية بتاريخ 09 جانفي 2008

[17] المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضدّ المرأة  تونس: تعالي صيحات الفزع بسبب تطور معدلات الجريمة وظهور العنف المنظم محمد فوراتي (روجعت الصفحة على الانترنت يوم  9مارس 2011) http://www.amanjordan.org/arabic_news/wmview.php?ArtID=2317

[18] كلمة الرئيس السابق زين العابدين بن علي يوم 28 ديسمبر 2010

[19] كلمة الرئيس السابق يوم 10 جانفي 2011

[20] إشارة إلى مجلة الأحوال الشخصية التي تمنح المرأة في تونس حقوقا قلّ نظيرها في بقية الدول العربية الإسلامية