هذا كتاب عن تونس. إنه ثمرة معايشة يومية للشأن العام، من موقع الفكر المستقل والرأي الحرّ، في مرحلة هوجاء عبرناها كمن يتحسّس طريقه فوق رمال متحركة ورياح عاتية. ولم تتضح بعدُ سبل الخلاص!
لقد وضعت قرارات الرئيس قيس سعيّد يوم 25 جويلية 2021 نقطة النهاية لتجربة ديمقراطية نختلف كثيرا في تقدير منجزها، فإذا نظرت إليها من الخارج يمكنك اعتبارها استثناء، أما إذا نظرت إليها من الداخل فإنك ستعاين بلا شكّ إخفاقها الذريع. لم تجعل الثورة بلادنا جنة يتمتع سكانها بحقوقهم كاملة وينعمون فيها بمباهج الحياة، بقدر ما جعلت الأزمات السياسية والاقتصادية التي أعقبتها واقعَ الأفراد جحيما يتطلعون إلى الفرار منه.
ماذا فعلنا إذن بالديمقراطية؟ يطرح هذا السؤال في كل مكان. يطرحه الباحث في الشأن العام وهو يرصد الأحداث الجارية ويعاين أثرها في حياة الناس. ويطرحه المواطن الذي أصبح يخوض معركة حقيقية من أجل البقاء في ظروف اجتماعية تشتد قسوتها من يوم لآخر. يطرح ضمن مشروع نقدي لتأصيل التجربة السياسية في سياقها وفصل نجاحاتها عن إخفاقاتها، كما يطرح تعبيرا عن خيبة الأمل لدى فئات عريضة من الشعب تركض وراء السراب. وفي هذا الكتاب بعض من هذا وبعض من ذاك.