احتلت جريدة الرأي طيلة عقد كامل من الزمن (1977-1987) مكانة ممتازة في التجربة الصحفية التونسية بوصفها محطة مهمة من محطات النضال ضدّ الاستبداد السياسي والعمل من أجل إرساء الديمقراطية الحقيقية في مناخ سياسي تسوده كاريزما الزعيم فتلقي بظلالها الحادة والقاتمة على مشهد شمولي ينزلق بسرعة ضدّ حركة التحرّر.
في هذا السياق تتنزل تجربة السيد أحمد الكرفاعي إذ تفتح وعيه السياسي في مناخ الحزب الحرّ الدستوري وفي أحضان رعاية بورقيبة الرمز والانسان للشباب الدستوري المؤتمن على وضع لبنات الدولة الحديثة وإنجاح مرحلة الاستقلال ولكنه سرعان ما وجد نفسه منذ بداية السبعينات وبعد تجربة مهمة في جريدة العمل الناطقة بلسان الحزب منساقا ومندفعا في اتجاه مغاير اتجاه يؤمن بالديمقراطية سبيلا إلى تحقيق الانعتاق الحقيقي والخروج بالانسان التونسي من القهر والهيمنة أيا كان مأتاها الاستعمار الامبريالي أم طموح الدولة الحديثة.
وهكذا كانت صحيفة الرأي التي ظهرت في نهاية سنة 77 أياما قليلة قبل الخميس الأسود (26 جانفي 1978) نقطة الجذب القوية التي التف حولها الديمقراطيون والمثقفون وعلى صفحاتها بدأت تظهر الأفكار المتحرّرة والأساليب المجدّدة في مقاربة الواقع السياسي بعينين مختلفتين تؤمنان بالحرية
هذا الحوار الإذاعي الذي أجريناه مع السيد أحمد الكرفاعي يعود الفضل فيه إلى مبادرة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بالتنويه إلى مسيرة الرجل النضالية وحقه في التكريم في عهد ما بعد الثورة باعتبار أن جيله مهّد الطريق ولا شكّ أما ما تشهده تونس اليوم من رغبة في إرساء نموذج سياسي ديمقراطي حقيقي ولأن للسيد أحمد الكرفاعي كما قال الدكتور المنصف المرزوقي يومها أسلوبا لا يستهان بأهميته في استقطاب الأقلام واستمالتها ومنحها الثقة في النفس وهو ما يغلب العامل الانساني في تجربة الرأي على شتى العوامل الأخرى.
استقبلنا السيد أحمد الكرفاعي ( 77 سنة ) في بيته الكائن بمنطقة رادس جنوب العاصمة التونسية والكائن أمام محطة قطارات الضواحي وبحضور الشاعرين محمد بن صالح وحسين العوري وبقية أفراد الأسرة الصغيرة استمتعنا قرابة ساعة من الزمن بسرد أطوار من حياة الضيف ونضالاته في سبيل حرية التعبير وكرامة الانسان.
استمع إلى الحوار كاملا