إلى السيد نجيب الشابي رئيس الحزب الديمقراطي التقدمي
تحية نضالية مباركة

نحن مجموعة من المساجين الإسلامين الذين يقبعون مرابطين وصامدين ماسكين على الجمر في السجون والمعتقلات التونسية منذ 1990 يطيب لنا بمناسبة إحياء ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان في 2002.12.10 أن نصافحكم بهذه الرسالة لا لنذكركم بما تعرضنا له “كأسرى” نظام قهري وما تعرضت له عائلاتنا ولا تزال من اضطهاد وتنكيل وانتهاك للحقوق وتعد على الحرمات ومحاولات غسيل الدماغ وما لاقته حركتنا ومناضلونا من محاكمات وتعذيب وقتل وإعدامات ومنافي تهجير وطرد من الشغل ومصادرة لموارد الرزق وإفتكاك جوازات السفر وحصار ومراقبة وملاحقات ومضايقات وطرد من الدراسة والتعليم وتشتيت لشمل العائلات بالسعي الى إجبار زوجات المساجين على تطليق أزواجهن والعمل على القضاء على الحركة وتدمير بنيتها وهياكلها التنظيمية وإلغاء وجودها وغلق ملفها وتحريض الحكومات الغربية على إلغاء حق اللجوء السياسي وتسليم الناشطين لإعدامهم او حبسهم في الزنازين والإصرار على تشويه صورة الحركة الإسلامية وتقديمها في شكل مجموعة متطرفة متسترة بالدين وإرهابية.

أحمد نجيب الشابي

أحمد نجيب الشابي

ولا نرغب أيضا في هذه المراسلة الخاطفة أن نفصل القول في شتى المظالم التي مسنا ضرها ولا إحصاء الإنتهاكات الصارخة لحرياتنا الفردية والجماعية وحقوقنا كحركة سياسية ولكن نود فقط في هذه المناسبة العالمية النضالية أن نلفت نظركم بصفتكم رئيس حركة طلائعية لا نكتم إعجابنا بشجاعتها وصدقها في تبني قضية الحريات والديمقراطية والعدالة الإجتماعية وبصفتكم أيضا كأستاذ محام الى بعض الأوضاع التي يعيشها المساجين السياسيون في بلادنا والسجناء عموما في الأحباس التونسية مما يخالف ما وضعته الأمم المتحدة من قواعد نموذجية دنيا في معاملة السجناء ويشكل خرقا واضحا لترتيبات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومجموعة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بجميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الحجز والسجن ومما يناقض أيضا وينتهك فصولا بينة للقانون الداخلي للسجون التونسية في نسخته القديمة أو المعدلة ونذكر من هذه التجاوزات والوضعيات الشاذة ما يلي على سبيل الإشارة لا الحصر.

إن جل المساجين في الأحباس التونسية لا يتمتعون بفراش مستقل بل يتقاسم السجين الفراش مع سجين آخر وهي وضعية مخلة بالآداب والذوق السليم ومخلة بشروط الصحة وراحة السجين أثناء النوم أو اليقظة.

كثير من السجناء لا يجدون نصف حشية ينامون فوقها بل ينامون على “الاسفلت” أو بلغة السجن في “الكدس” رأسا وذنبا “tête et queue” متكدسين” بعضهم على بعض” و “بعضهم في بعض” كعلب السردين ويمتد الكدس الى تحت الأسرة والى عتبة بيوت الراحة في ظروف قذرة وسخة مفترشين أغطية نتنة وهي وضعية لو أطلع عليها التونسيون لما صدقوا أن هذا يوجد في بلدنا تونس2002 بل لم يوجد في تونس ابدا حتى زمن البايات عندما كان السجناء يحبسون في كراكة حلق الوادي.

الإعتداء على كرامة السجين بالإهانة والتعنيف والضرب وإستعمال “الفلقة” والتعليق في السلاسل على القضبان. وهو سلوك يومي في جل السحون التونسية وخاصة الهوارب بولاية القيروان حيث تمارس الإنتهاكات بإشراف مدير السجن ومساهمته وبعلم إدارة السجون وتحت سمع وبصر وزارة العدل وحقوق الإنسان.

الانعدام الكلى لبرامج الإصلاح التربوي والأخلاقي وغياب التوجيه الديني والروحي وإنعدام فضاءات التثقيف والمطالعة والعبادة والرياضة اضافة الى شكلية ما يقدم للمساجين احيانا من حصص رفع امية او برامج تاهيل مهني وادماج اجتماعي الامر الذي حول السجون الى مراكز لتعليم الانحراف وارتكاب الفواحش واحتراف “الاجرام”.

منع السجناء وخاصة السياسيين منهم منعا باتا من تلقي الكتب والمراجع والدوريات العلمية والفكرية والدراسية وحرمانهم من التسجيل في المعاهد والجامعات ومواصلة التعليم والدراسة وممارسة الحصار الأعلامي بمنعهم من الإطلاع على الصحف وسائل الإعلام المسموعة والمرئية بهدف الحد من طموحاتهم العلمية وتدمير ملكاتهم العقلية وعزلهم عن الواقع المحلي والدولي.

تردي نوعية الأكلة المقدمة للسجين وعدم توفرها على الحد الأدنى من القيمة الغذائية ومواصلة تقديم الصبة

تتوالد الفئران وتتكاثر الحشرات والطفيليات في اكثر السجون التونسية وتتقاسم هذه الكائنات طعام السجناء وتسكن فرشهم وملابسهم واجسادهم.

الإكتظاظ المفرط للسجون وتدهور شروط حفظ الصحة.

السيد الفاضل: اننا برغم ما اصابنا من ضر في السجون وما لحق عائلاتنا من اذى ومالاقته حركتنا ومناضلوها في البلاد وفي المنافي من قمع وتصفية وتشويه واقصاء وبرغم كل الويلات فاننا نؤكد لكم بقاءنا صامدين بإذن الله ثابتين على مبادئنا متعلقين بالقيم الالهية والمثل الإنسانية العليا متيقنين أن المنعرج الديمقراطي والانتقال بشعبنا وبلدنا الى زمن الحريات والديمقراطية والتعددية الحقيقية والحياة السياسية النظيفة والراشدة لابد ان يتحقق في يوم غير بعيد بفضل صمودكم وثباتكم ووفاء كل المناضلين الاحرار والشرفاء لمنطلقاتهم ومبادئهم السامية والكفاحية ووفائنا جميعا لآمال شعبنا وطموحاته في مجتمع حر ومتحضر وديمقراطي واشواق امتنا في ريادة حضارية وكونية جديدة.

نحيطكم علما اننا عازمون باذن الله على الدخول في اضراب جوع ابتداء من يوم 9 ديسمبر 2002 بمناسبة ذكرى اليوم العالمي لحقوق الانسان. اما مطالبنا الاساسية فهي كما يلي:

* سن قانون العفو التشريعي العام

* رفع كل المظالم المسلطة علينا كمساجين وكحركة سياسية والإعتراف القانوني بحركتنا الإسلامية كجزء لا يتجزء من المنتظم السياسي الوطني والقانوني.

* مساندتنا ودعمنا لكل المطالب الديمقراطية التي تنادي بها القوى السياسية التقدمية والديمقراطية في بلدنا سواء كانوا احزابا او جمعيات معترفا بها او غير معترف بها او كانوا شخصيات مناضلة.

* وضع حد للانتهاكات المادية والمعنوية لكرامة السجين.

* حقنا المشروع في تلقي الكتب والمراجع والدوريات العلمية والفكرية وحقنا في مواصلة الدراسة والتعليم والارتقاء المعرفي.

* تجميعنا في غرف مستقلة وتحسين ظروف اقامتنا (تقريب، زيارة بدون حاجز …).

وأخيرا نحي صمود حزبكم ومصداقية اهدافه وبرامجه ونبارك جهودكم ونبل مناضليكم وروحكم النضالية ونؤكد على ان تشكيل جبهة ديمقراطية واسعة ومكافحة ذات برنامج واضح واهداف طموحة واولويات واقعية … جبهة تؤمن بان تحطيم قلاع الاستبداد وتكسير اغلال الانظمة القهرية وانهاء حقبة عبادة الوثن والارتقاء الى زمن الحريات ومصاف الشعوب المتحضرة والمجتمعات الراشدة والحرة لا يتم دون تضحيات ودون تقديم ضريبة الحرية.

وفقكم الله وسدد خطابكم وبارك مسعاكم وحقق آمال شعبنا على أيديكم.

—————————–
أرشيف الحزب الديموقراطي التقدمي