صدر عن دار البدوي للنشر كتاب “فاته أن يكون ملاكا” بتوقيع الكاتب التونسي عامر بوعزة وهو دراسة نقدية في سيرة محمد شكري الذاتية تتناول أعماله الثلاث : الخبز الحافي، الشطار،ووجوه جاء في مقدمة الدراسة ما يلي:
لقد أضعنا الطريق إلى محمد شكري طويلا، فاستسلم البعض إلى فكرة انحرافه المبكر عما ينبغي أن يكون عليه الأدب، واعتقد البعض الآخر أنه يشبع شهوة قارئ نهم لصور الفقر والقهر والاضطهاد. ولم ننتبه إلى الصراع التراجيدي الذي تمور عناصره في قاع التجربة: أدب الكاتب وحياة الانسان. فسيرة محمد شكري الذاتية تفتح الباب على عالم مليء بالإغواء والمغامرة والغموض، عالم تنبثق فيه إرادةُ الحياة من قاع البؤس والعنف والشقاء، يتخذ فيه الوجود معنى التحدي.
ولم يكن غرضنا في البدء بلوغ هذه الجهات في القراءة، وإنما أردنا أن يكون البحثُ في أسئلة الكتابة: كيف صاغ محمد شكري الواقع باللغة؟، ولكن القراءة طفقت تأخذنا في مجاهل النص ومغاوره حتى أخذت الصورةُ النمطية تتبدّد وتحلّ محلها صورةٌ جديدة هي صورة الكاتب وهو يواجه قدره العاتي منذ أن قتل والدُه أخاه أمام أنظاره وأرغمه على ابتلاع تفاصيل المشهد في غياهب الذات.
“لقد فاتني أن أكون ملاكا”، عبارة كتبها محمد شكري وهو يسلّط وعي الكهل على طفولة الطفل، فحمل سيرته الذاتية معاني الحيرة إزاء الوجود والعدم، والخير والشر، والموت والحياة….، وإذا كان لابدّ من سبب يتذرع به الكاتب كي يقول حياته، فهذا سبب وجيه يجعل حياة كل فرد موضوعا ممكنا للكتابة شرط الإيمان بأن الأدب قاهرٌ الموتَ لامحالة.