مقالات رأي

عامر بوعزة والكتابة عن التجربة الذاتية

إعلاميون في زمن الاستبداد كتاب جديد لعامر بوعزة يقرأ على مهل وبكثير من التدبّر، وقد نجح مؤلّفه في معادلة المزاوجة بين الذاتيوالموضوعي، وهي معادلة لا تخلو عادة من الاضطرار الى التجميل وتضخيم دور البطولة.

الدكتور عبد الرزاق الحمامي

الدكتور عبد الرزاق الحمامي

تحدّث بوعزة عن تجربته الذاتية في بيئة الإعلام في لحظة محفوفة بالمخاطر والمنزلقات والعوائق المبيتة فالتزم بالموضوعية واعاد تشكيل الأحداث كما وقعت وهنا تظهر قيمة شهادته إذ لم يجنح الى التباكي ولعب دور الضحية كما انه كان منصفا ولم يفتح النار على أحد ممن تداولوا على إدارة الإذاعات والتلفزيون وإن كنت عاصرت جميع ما ورد في الكتاب من وقائع ومناورات لم يسلم منها المؤلف.
إنها محاولة جريئة تطرح شهادة على قطاع الإعلام السمعي والبصري في لحظة تاريخية عرفت بالشمولية والاستبداد بالرّأي فلا صوت يعلو على صوت المعلّم المتمثّل في قرارات المستشار الإعلامي ومن يدور في فلكه .لقد سمّى عامر الأشخاص بأسمائهم وترجم لبعضهم ترجمة مختصرة مفيدة ووثّق كل الوقائع بتواريخ حدوثها وفسّر للقارىء ماخفي عنه من أسباب ومآلات. فأقحمنا في خفايا المطبخ السياسي وأسلوب إدارة الواجهة الإعلامية مع ربط بالمحيط الإقليمي والمحلّي.

إعلاميون في زمن الاستبداد

إعلاميون في زمن الاستبداد

ولا بد من تحية إكبار لعامر بوعزّة على وفائه لرفاق دربه المرحومة عواطف حميدة والصادق بوعبان ولتعاليه عن الإشارة الى من أساءوا اليه وتفنّنوا في وضع الحواجز في طريقه غيرة وحسدا أو حمقا مجانيا.
إن كتاب اعلاميون في زمن الاستبداد ذو قيمة وثائقية جليلة كتب بمنهجية علمية وبلغة راقية وعساه يفتح الدرب امام غير عامر من الإعلاميين لينسجوا على منواله ويدلوا بشهاداتهم على مرحلة من تاريخ الإعلام في تونس فكم من الحقائق ظلت محبوسة في الصدور ومن حقّ الجمهور معرفتها.إن هذا الكتاب من أفضل ما قرأت بعد ثورة ١٧-١٤ وإنه لجدير بأن يكون من بين مقرّرات طلاب معهد الصحافة وعلوم الإخبار في تونس.
د عبد الرزاق الحمامي


أين هو الفخ؟

برهان بسيس

برهان بسيس

ينبغي أن تتسلّح بكثير من اليقظة والفطنة والذكاء كي لا تقع في فخ الإعجاب ببرهان بسيس وأنت تشاهده يدافع عن قضية من القضايا أو يتكلم في مسألة من المسائل. لقد بدا في أحدث ظهور تلفزي له مع سمير الوافي في برنامج «وحش الشاشة» محتفظا بكامل قواه الخطابية، وتجلت لياقته البلاغية في القفز مرارا وتكرارا على الفخاخ المنصوبة له بإحكام، والمشي على الحبل كما يفعل بهلوان السرك الماهر، وتحويل كل سهم يوجه إليه نحو مسار آخر، وبدا رغم كل المطبات التي وقع فيها أثناء تجربته في السياسة والإعلام خبيرا في تقنيات الاستحواذ على قلوب المشاهدين (بعد مصّ أمخاخهم)، لقد بدا بكل بساطة جاهزا لخوض أكثر من مباراة أخرى، لا سيما بعد أن أنهكت المباراة الحالية أعتى اللاعبين وأكثرهم شراسة.

حين تجلس لمشاهدة برهان بسيس يتحدث ستقنع نفسك أن ما يدفعك إلى ذلك هو الفضول، وأنك تبحث ربما عن إجابة مقنعة لسؤال بديهي: هل مازال عنده ما يقول؟ لكنك ومن بعد مضي الدقائق الأولى سترتخي وتتلاشى كما يحدث لأطفال المدارس الابتدائية حين يزورهم مرة في السنة ساحر منوم يمكنه أن يخرج حمامة من علبة كبريت، تشاهده فينتابك نفس الإحساس الذي يعتريك حين ترى حلقة من مسلسل «أمي تراكي» في برنامج «ذاكرة التلفزيون»، أو حلقة من «شوف لي حل» أصبحت تعرف كل كلمة فيها وتسبق الممثلين إلى قولها ومع ذلك تشاهدها وتتظاهر بأنك نلت نصيبا من التسلية، لمجرد أنهم يتظاهرون بالرغبة في تسليتك! وأنت محقّ في ذلك وفي كل فرجة سياسية تشاهدها بعد أن انتفت الفائدة وانعدمت الجدوى، وأصبح بؤس الواقع أشدّ من أن تداويه مُسكّنات التلفزيون ووعودُ السّاسة وتخاريف الانتخابات. لكن مشاهدة برهان بسيّس يتحدّث تُشبه السياقة تحت تأثير المنوّم، من ثمة كان لا بدّ من اليقظة والانتباه.

ليس تحاملا على برهان بسيس، بل لأننا جربناه وجربنا وجربناه، والحق أن كل كلامه السابق في القنوات العربية دفاعا عن نظام بن علي حتى الليلة الأخيرة قبل سقوطه كان موجها إلى الداخل قبل الخارج في مبناه وفي معناه، وكان تأثيره على الأمخاخ التونسية أشد وأقوى من قدرته على زعزعة مواقف المعارضين «المناوئين». ثم إن عودته إلى التلفزيون بعد الثورة وبعد أن حنث اليمين الذي أقسمه بعدم الظهور مجددا اقترنت لدى العامة بانبهار كبير سببه ما يمتلكه الرجل من معرفة بأحوال السياسة والسياسيين وما يتحلى به من ثقافة واسعة في ظلّ البؤس الإعلامي السائد وهيمنة أنصاف الموهوبين وعديمي الخبرة على الساحة التلفزية، وسيظل الأمر كذلك إلى أن يرث الله تونس ومن عليها، فلا هو يتغير ولا هم يتطورون.

في سؤال عن الأموال التي كسبها من مهنته «متحدثا رسميا أو غير رسمي عن ساسة لا يتقنون فن الاتصال» حوّل برهان بسيس وجهة السؤال إلى دفاع عن الحلم والطموح مستسخفا كل الذين ينشرون ثقافة الفقر والبؤس والقناعة، فصرف نظر المتفرجين عن خلفية السؤال المتعلقة بمشروعية هذه المهنة وأخلاقيتها، وفي الوقت الذي كنت بلا شكّ تُحيي فيه في قرارة نفسك انتصاره للشباب ودفاعه عن حقهم المشروع في ركوب المرسيدس بدل الاكتفاء بلعن الظلام كان هو بصدد القيام بعملية تبييض لغوية لكل أمواله التي كسبها من التكلم نيابة عن الساسة والدفاع عن خيارات سياسية ظالمة دفع ثمنها الباهظ قطاع كبير من الشعب، ولم يجب عن السؤال المركزي: هل هذه مهنة مشرفة؟ وهل أن هذا الشباب ينبغي أن يفعل أي شيء حتى لو كان مخالفا لقواعد الشرف ليحقق صعوده في السلم الاجتماعي؟

برهان بسيس

برهان بسيس

وفي سؤال عن سرّ إفراده من قبل السبسي الأب بعفو خاص في إشارة خفية من السائل إلى علاقة هذا العفو الاستثنائي بالسبسي الإبن وما إذا كان ذلك داخلا في صراع الحيتان الكبيرة) وجه برهان بسيس الأنظار إلى أن الرئيس محام في المقام الأول، ثمّ اضطر لاحقا إلى الموافقة على ما جاء في السؤال من إيحاءات لكن بطريقة مواربة لا يجوع معها الذئب ولا يشتكي الراعي، وليس متاحا لعموم المشاهدين إدراك ما تنطوي عليه من معان، إذ اكتفى بالقول بأنه دخل السجن وخرج منه بقرارين سياسيين!

وهكذا، كما إن الساحر لا يخرج في الحقيقة  حمامته البيضاء من علبة الكبريت الصغيرة، بل يتقن الإيهام والتمويه ليخرجها من مكان آخر لا تراه، يفعل برهان بسيس حين يلعب بالمفردات والصور والتشابيه، إنه يدرك جيدا متى يحرك يديه ومتى يرفع صوته ويخفضه، يقتنص اللحظة المواتية ليغرس نظراته مباشرة في عيني الكاميرا، أو يرسم على وجهه علامات الهزء والسخرية أو اللامبالاة، يتقن جيدا فن الاتصال الجماهيري حيث تتعاضد اللغة مع الإشارة لتصنع من الجسد الواحد مهرجانا كاملا للخطابة، ويجعل من الهزيمة انتصارا مشرفا، ولو أتيح لك يوما أن تشاهد بالصورة البطيئة حركات الساحر لاكتشفت أن عبقريته الحقيقية تكمن في قدرته الفائقة على تحويل نظرك إلى الاتجاه الذي يريده هو حتى يصنع في اتجاه آخر لا تراه ما يفاجئك، فتخرج دائما من هذه الحفلات المدرسية بنصيب كبير من الدهشة والانبهار، وهو يقتات من هذه الدهشة ويتكسب من ذلك الانبهار، ولهذا السبب بالذات عليك دائما أن تحاذر من الوقوع في حالة الاقتناع التام بما يقول برهان بسيس والبحث عن الجهة التي أخفاها عنك حين صرف نظرك إلى الاتجاه الذي يريده هو! فمع هؤلاء المتحدثين اللبقين ينبغي دائما التساؤل: أين هو الفخ؟


عن أي جميل يتحدّث بن علي؟

زين العابدين بن علي

زين العابدين بن علي

فجأة اجتاحت مواقعَ التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية في تونس عبارةٌ نُسبت إلى الرئيس الأسبق «زين العابدين بن علي» قيل إنه وضعها على حسابه في «الواتساب» ويقول فيها: «أيها الوطن الناكر للجميل لن أمنحك عظامي». هذه العبارة التي لا يمكن أن يتثبت من صحتها إلا من يمتلك رقم الرئيس المعزول الشخصي على هاتفه الجوال نُشرت مع خبر مقتضب عن تدهور حالته الصحية بشكل جدّي هذه المرة بعد الشائعات الكثيرة التي ظلّت تظهر بين الفينة والأخرى منذ رحيله المفاجئ عشية الرابع عشر من يناير العام 2011 إلى السعودية.

(مواصلة القراءة…)


المفسدون في الأرض

المفسدون في الأرض

المفسدون في الأرض

أبهج التونسيين كثيرا البلاغ الذي أصدرته النيابة العمومية بخصوص تحجير السفر على المدعو «سواق مان»، فعندما كانت قلوبهم حزينة بسبب حادثة انقلاب شاحنة فلاحية أودى بحياة اثني عشر شخصا من فقراء هذا البلد المعدمين جيء به إلى قناة «الحوار التونسي» ليستعرض أمامهم بشكل رقيع ثروته و«قصة نجاحه»، والمنشط يفتعل الدهشة و«الضمار» ويؤكد أن الله غفور رحيم.

لكن يبدو أن سعادة المتفرج الحزين و«الغلبان» على الدوام جعلته لا يلتقط من الخبر الا الجزء الذي يشفي غليله ويهمل الجزء الأهم الذي يكشف حقائق مغيّبة، فالنيابة العمومية تؤكد في هذا البلاغ أن «قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي تعهّد بإذن منها منذ حوالي خمسة أشهر بفتح بحث تحقيقي ضدّ هذا الشخص من أجل جرائم متعلقة بالتحيّل وغسل الأموال بناء على تقرير من اللجنة الوطنية للتحاليل بالبنك المركزي. كما تقرّر تجميد مبالغ مالية على ملكه في حدود 17 مليون دينار».

(مواصلة القراءة…)


ضاعت الحقيقة بين أرجل المتدافعين

ضريح الشاعر

ضريح الشاعر

تعطينا حادثة الاعتداء على قبر الشاعر الصغير أولاد أحمد صورة نموذجية عن الوضع المتردي الذي بلغه الإعلام تحت مظلّة الحرية، وهي صورة قائمة على مفارقة جوهرية، ففي الوقت الذي يفترض فيه أن تختصر حرية التعبير الطريق إلى الحقيقة جعلته أكثر تشعبا من ذي قبل.

الصور التي نشرت في البداية واضحة وتتكلم دون تلعثم. إنها ليست في حاجة إلى زعيم يساري يتذكر فجأة جذوره الماركسية ليجعل من شاعر الوطن قضية في سوق النخاسة الإيديولوجية. فما كتبه أولاد أحمد يمثل ضمير البلاد وروح الشعب، وكل ما قاله يتمحّض في تيمة واحدة هي «الحرية»، ولم تعد قصائده وإن كانت سياقاتها الأصلية مشحونة بالتوتر والتدافع بين الأفكار والأفكار المضادّة تعبر عن لحظتها الضيقة بل تجاوزتها إلى الآفاق الواسعة لتعبّر عن قيم مطلقة. (مواصلة القراءة…)


اتجاهات جديدة في الرواية التونسية

عامر بوعزة

عامر بوعزة

في غياب إحصاء رسمي محدّد للمنشورات الصادرة في تونس بعد سقوط نظام بن علي، يمكن التأكيد بالملاحظة أن قطاع النشر شهد طفرة كمية هائلة، وأن الكتب التي تفاعلت بشكل مباشر مع الثورة وما يتعلّق بها من أحداث استحوذت على النصيب الأوفر من هذا القطاع، يدخل في ذلك كل ما يتصل بكشف أسرار النظام السابق واستعراض ما خفي من وقائع فيه على سبيل المذكرات الشخصية أو القراءات التحليلية، أما المجال الإبداعي فقد شهد كذلك وفرة في العرض لا سيما في مجال الرواية إذ تُباهي دور نشر عدة بإصداراتها ضمن ما تسميه “الرواية السياسية” أو “أدب السجون”، وهي غالبا روايات كتبها سجناء سياسيون سابقون ومنهم من لم يُعرف في مجال الكتابة الأدبية من قبل وتتحدّث عن ظروف السجن والاعتقال والتعقب اليومي بعد السّراح، ويظلّ هذا النوع من الروايات خارج مدار النقد الأدبي لصلته أكثر بالحقل السياسي وسياق محاسبة العهد السابق والتعريف بما نسب إليه من قمع تحسبا لإمكان عودته في شكل جديد. لكن نيل رواية “الطلياني” جائزة البوكر العالمية للرواية العربية سنة 2015 حوّل مؤشر البوصلة من جديد إلى تونس وفرض على الأذهان سؤال الرواية في تفاعلها مع المنعرج السياسي الكبير الذي عاشته تونس في 2011، وهو سؤال أدبي نقدي بامتياز إذ تمثل الطلياني واحدة من عشرات الروايات التي ظهرت والتي كانت وقائعها على صلة وثيقة بالثورة وما بعدها بأشكال مختلفة وقد يحتاج أمر دراستها كلها حيّزا من البحث يتجاوز هذا المجال مما يفرض في محاولة التصدي للاتجاهات الجديدة للرواية التونسية تخيّر النماذج أولا ثم النظر في الخصائص السردية لهذه النصوص وتمحّص التأثيرات السياقية فيها.

(مواصلة القراءة…)


حوار إذاعي مع السيد أحمد المناعي

أحمد المناعي

أحمد المناعي

بعد سنوات طويلة قضاها في المنفى عاد السيد أحمد المناعي ليدشن مرحلة جديدة من حياته في تونس الثورة، تونس التي تعد الآن بالحرية والديمقراطية مستجيبة لتطلعات أجيال من المناضلين عُـذِّبوا كثيرا في سجون بن علي من أجل مجاهرتهم بهذا الحق.
يحمل السيد أحمد المناعي في ذاكرته خبرة سنوات النضال السياسي ضدّ الدكتاتورية وقد خبرها جيدا بعدما التفّ الرئيس السابق على وعوده بالديمقراطية والتعدّدية وصنع من الإسلاميين فزاعة بنى على أكتافها جهاز الهيمنة والاستبداد الذي أطاح به الشباب يوم 14 جانفي 2011 في ثورة عربية غير مسبوقة ينظر لها العالم الآن بكل انبهار
في هذا الحوار يستعرض السيد أحمد المناعي حصيلة سنوات النضال السياسي والمنفى القسري من تجربة انتخابات 1989 وصولا إلى محاولة اغتياله في فرنسا على أيدي البوليس السياسي المختص في تعقب المعارضين في العواصم الأوروبية. وخلال هذا الحوار يستعرض السيد أحمد المناعي  جملة من الآراء تتعلق بما يحدث راهنا في تونس : أي دور للشباب في صياغة الأفق السياسي للبلاد وكيف يمكن فهم حزب حركة النهضة الذي يتأهب الآن للمشاركة في الحكم بنسبة الأغلبية.

استمع إلى الحوار كاملا ويستغرق ساعة وعشر دقائق

 

———-

أجري الحوار في شهر أوت 2011


في انتظار كارثة أخرى..

يوسف الشاهد

يوسف الشاهد

تواجه تونس قبل شهور قليلة من الانتخابات الرئاسية والتشريعية وضعا أكثر صعوبة من أي وقت مضى، فحادثة وفاة الرضع في مستشفى الولدان أخطر بكثير من حادثة انتحار البوعزيزي التي كانت الشرارة الأولى في ما سمّي «الربيع العربي»، والتي إذا نظرنا إليها من زاوية مختلفة لا يريد أحد أن ينظر منها سنرى مواجهة رمزية بين القانون والفوضى، فيما تكشف حادثة وفيات الرضع وغيرها من الحوادث التي نعيش على وقعها اليوم عن بلوغ الفوضى مداها في غياب شبه كلي للقانون ولكل القيم الإنسانية السامية. وهو ما يدلّ على أن الأزمة التي تتخبّط فيها البلاد ليست أزمة حكم واقتصاد فقط بل أزمة أخلاق ومجتمع أيضا.

(مواصلة القراءة…)


جميلات الجزائر

المناضلة الجزائرية جميلة بوعزة

المناضلة الجزائرية جميلة بوعزة

من أجمل النصوص التي كنت أدرسها بشغف لتلاميذ الصف الثاني من التعليم الثانوي نص عنوانه «كلنا جميلة». لا تحضرني الآن تفاصيله بدقّة بعد مضي زمن طويل على ذلك الزمن الجميل، لكن أذكر بوضوح أنني كنت أدرسه بفخر وحماس كبيرين، فهو يروي بشكل قصصي متخيّل سيرة المجاهدة جميلة بوعزة، والظروف التي التحقت فيها بالثورة الجزائرية وكيف اقتدت بجميلة بوحيرد وجعلت من تطابق اسميهما مدخلا طريفا لإقناع أهلها بأن الانضمام إلى الثورة ليس شأنا خاصا أو اختيارا فرديا إنما هو واجب وطني، وذلك ما تعنيه عبارة العنوان: «كلنا جميلة».

كانت تلك واحدة من أهمّ الزوايا التي ينهض عليها درس العربية ذاك في محور «حب الوطن»، أما طرافة ذلك النص بالذات فتكمن في التعريف بجميلتين من جميلات الثورة الجزائرية في آن معا، جميلة بوعزة التي نفذت واحدة من أكثر عمليات التفجير دموية في قلب العاصمة الجزائرية يوم السادس والعشرين من يناير 1957، وجميلة بوحيرد العقل المدبر لكثير من العمليات الفدائية والتي أصبحت أسطورة الثورة وملهمة الشعراء والكتاب والفنانين بوصفها رمزا يخلد في ذاكرة الأجيال دور المرأة الجزائرية في النضال من أجل الحرية والعزة والكرامة.

(مواصلة القراءة…)


تشليك الديمقراطية

البحري الجلاصي

البحري الجلاصي

باستضافتها أشخاصا يزعمون الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة تكون الإذاعات والتلفزات الخاصة قد انطلقت على بركة الله في «تشليك» هذه الانتخابات. وفعل «شلّك» بكل المعاني التي يحملها في الذهنية العامية هو الفعل الوحيد الذي يصف بدقّة وموضوعية ما تفعله هذه القنوات في كثير من المجالات، نستثني هنا بعض الحالات التي خرجت فيها عن القاعدة، وهي قليلة مقارنة بما تفعله في إطار نشر ثقافة الفساد.

من هذه الاستثناءات حلقة استضاف فيها علاء الشابي امرأة طيبة القلب أرادت تكريم الفنان جعفر القاسمي اعترافا بما قدمه لها ولابنها المريض من دعم معنوي، فقد كانت تلك الحلقة درسا في التضامن الإنساني، وأعادت إلى التلفزيون وجهه الجميل الذي فقده في السنوات الأخيرة وهو يلهث وراء النجاح السريع.

(مواصلة القراءة…)


Copyright © 1996-2010 آراء حرة. All rights reserved.
View My Stats iDream theme by Templates Next | Powered by WordPress