ماذا فعلنا بالديمقراطية؟

ماذا فعلنا بالديمقراطية؟

في هذا الكتاب يطرح عامر بوعزة علنا سؤال (ماذا فعلنا بالديمقراطية؟) الذي يتردد بكثرة في الشارع التونسي، تعبيرا عن خيبة الأمل من ثورة صفق لها العالم لكنها لم تف بوعودها. والديمقراطية هنا استعارة لوصف تجربة محددة في الزمان والمكان، هي التجربة التونسية بكل ما فيها من نجاحات قليلة وإخفاقات كثيرة، وبكل ما يدور في فلكها من مظاهر كالاستقطاب الثنائي، وانهيار قيمة العمل، وارتفاع منسوب الفساد، وانتصار الشعبوية. ونصوص الكتاب من البداية حتى النهاية تعالج هذا العطب بين الثورة والديمقراطية. في انحياز واضح إلى المواطن الذي يعاني من تراجع شروط الحياة الكريمة ويتدحرج نحو الفقر وانسداد الأفق.

الكتاب يعود إلى محطات مختلفة في سياق تجربة الانتقال الديمقراطي التي قد ينكر البعض حدوثها في سياق الانتصار لخيارات السلطة راهنا! لكن الكاتب يقاربها بأدوات مختلفة عن أدوات الباحث الاجتماعي والمؤرخ، فالمقاربة صحفية أساسا وتنطوي على بعد أدبي يجعلها في بعض النصوص تقترب من عوالم الكوميديا السوداء.

وقد سبق للكاتب أن أصدر عن دار سوتيميديا العام 2019 كتابا بعنوان (إعلاميون في زمن الاستبداد) كما صدر له كتاب (نظرية الموز) وأعمال أخرى أدبية. وهو يعمل في حقل الإعلام التلفزي ومقيم خارج تونس منذ العام 2012.

عن دار سوتيميديا للنشر صدر كتاب جديد للكاتب الصحفي عامر بوعزة بعنوان (ماذا فعلنا بالديمقراطية؟). يتضمن الكتاب ثلاثة وأربعين نصا تغطي مجمل الأحداث السياسية والتحولات الاجتماعية التي شهدتها تونس خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي (2011-2021) في مقاربة نقدية يصفها الكاتب بأنها غير محايدة.

صدّر الكاتب هذا العمل بفقرة وردت في رسالة وجهها الكاتب اليساري العفيف الأخضر إلى حمادي الجبالي رئيس حكومة الإسلاميين في تونس بعد الثورة أكد له فيها أنه في عالم العولمة وثورة الاتصالات وضرورة احترام حقوق الإنسان، لم يعد جائزاً ولا ممكنا شطب طبقة لطبقة، أو نخبة لنخبة،..وأن الحكم الرشيد هو الذي يُشرك جميع النخب والطبقات في السلطة والثروة كترياق ناجع للعنف ووصفة مجربة للاستقرار والازدهار والسلام الاجتماعي

وبهذا التصدير الذي اختير بعناية يضعنا الكاتب منذ الصفحة الأولى في أجواء الكتاب إذ يدفع بالقارئ إلى تأمل تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس بكل تضاريسها ونتوءاتها على امتداد عشر سنوات كاملة، هذه التجربة التي اعتبر المؤلف أن قرارات الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو العام 2021 قد أنهتها. ويعلل إخفاقها من وجهة نظره بعدم توصلها إلى تحسين حياة الناس إلى الحد الذي جعلها ترتبط في أذهانهم بأزمات سياسية واقتصادية عويصة جعلت الواقع جحيما يتطلع الجميع إلى الفرار منه.

AMEUR BOUAZZA

هذا الكتاب

هذا كتاب عن تونس. إنه ثمرة معايشة يومية للشأن العام، من موقع الفكر المستقل والرأي الحرّ، في مرحلة هوجاء عبرناها كمن يتحسّس طريقه فوق رمال متحركة ورياح عاتية. ولم تتضح بعدُ سبل الخلاص!

لقد وضعت قرارات الرئيس قيس سعيّد يوم 25 جويلية 2021 نقطة النهاية لتجربة ديمقراطية نختلف كثيرا في تقدير منجزها، فإذا نظرت إليها من الخارج يمكنك اعتبارها استثناء، أما إذا نظرت إليها من الداخل فإنك ستعاين بلا شكّ إخفاقها الذريع. لم تجعل الثورة بلادنا جنة يتمتع سكانها بحقوقهم كاملة وينعمون فيها بمباهج الحياة، بقدر ما جعلت الأزمات السياسية والاقتصادية التي أعقبتها واقعَ الأفراد جحيما يتطلعون إلى الفرار منه.

 ماذا فعلنا إذن بالديمقراطية؟ يطرح هذا السؤال في كل مكان. يطرحه الباحث في الشأن العام وهو يرصد الأحداث الجارية ويعاين أثرها في حياة الناس. ويطرحه المواطن الذي أصبح يخوض معركة حقيقية من أجل البقاء في ظروف اجتماعية تشتد قسوتها من يوم لآخر. يطرح ضمن مشروع نقدي لتأصيل التجربة السياسية في سياقها وفصل نجاحاتها عن إخفاقاتها، كما يطرح تعبيرا عن خيبة الأمل لدى فئات عريضة من الشعب تركض وراء السراب. وفي هذا الكتاب بعض من هذا وبعض من ذاك.

إننا عندما نقيس المسافة التي أصبحت تفصلنا عن الشعوب الأخرى، حتى تلك التي تعيش في ظل أنظمة نراها نحن بمناظيرنا أنظمة مستبدة، نكتشف البون الشاسع بين النضال من أجل حقوق الإنسان والتمتّع بها حقا. فالديمقراطية التي منحتك مساحات شاسعة للمطالبة بحقك في الحياة الكريمة، لم تستطع أن تضمن لك مقعدا في القطار يحمي كرامتك، ويميزك عن البهائم التي يزجّ بها في العربات زجّا لنقلها من ضيعة إلى أخرى...

تلك هي المعضلة..

Facebook Twitter Linkedin YouTube