Tag: فلسطين
فلسطين أولا، فلسطين دائما
قصص التّضامن التّونسي مع الشّعب الفلسطيني في قضيته العادلة لا تنتهي، وآخرها ما كشفته حركة المقاومة الإسلامية حماس حول النشاط الحركي للمهندس التونسي محمد الزواري الذي اغتيل أمام بيته في صفاقس في ديسمبر 2016 ضمن كتائب عز الدين القسّام جناحها العسكري مُتّهمةً جهاز المخابرات الإسرائيلي بتصفيته، هذه الحادثة تبعتها إهانة أخرى لم يتردّد التونسيون في التعبير عن غضبهم إزاءها، إذ ظهر صحفيّ من القناة العاشرة الإسرائيلية وهو يتكلّم بطلاقة من أمام مقرّ وزارة الدّاخلية في قلب العاصمة دون أن يطرف له جفن، لكن الاستقطاب الثنائي الذي يقسم السّاحة السياسية بين الإسلاميين والعلمانيين ألقى بظلاله في هذه الحادثة على الموقف المبدئي التّاريخي من القضيّة الفلسطينية وظهر بعض التردد والارتباك في تقدير الموقف لا سيما بعد دخول حماس على الخطّ.
في وداع سميح القاسم
كانت أول مواجهة ميكروفونية لي مع الرائعين محمود درويش وسميح القاسم في كواليس المسرح البلدي بتونس العاصمة صائفة 1994، كانت ليلة الوداع التي توجت رمزيا إقامة فلسطينية في تونس دامت اثنتي عشرة سنة وامتزج فيها دم الشعبين، في تلك الليلة أطلق درويش جملته التي صارت فيما بعد دعاية فولكلورية: كيف نشفى من حب تونس؟ وبكى وهو يوصينا خيرا بالشهداء الذين لن يعودوا إلى ما تبقى من أرض فلسطين.
كان محمود درويش يلتهم الأضواء من كل المحيطين به ويختزل الشعر الفلسطيني كله ولم يكن ذلك ليثير حفيظة أحد، لا سميح القاسم صاحب القصيدة الشهيرة: “تقدموا تقدموا كل سماء فوقكم جهنم وكل أرض تحتكم جهنم تقدموا…”، ولا أحمد دحبور صاحب القصيدة الزجلية الرائعة: “يما مويل الهوى يما مويلية ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيّ” كنا نعرف القصائد والأغاني ولا نعرف أسماء الشعراء فقد كان درويش هو فلسطين. وكثير من القراء اهتدوا إلى سميح القاسم من خلال الرسائل الشهيرة المتبادلة بينهما، ولم يكن ثمة أفضل من سميح القاسم لاستقبال رفات درويش في رام الله عندما عاد من رحلته الأخيرة إلى قطعة من أرض الوطن.
في تلك الليلة سهرت مع بعض الأصدقاء حتى الفجر في أحد مقاهي باب سويقة أنتظر تحرك سيارات الأجرة الأولى في اتجاه المنستير، وقدمنا مقتطفات من الحوار مع الشاعرين في نشرة السابعة والنصف صباحا للأنباء تمهيدا لعرض السهرة كاملة في السهرة الأسبوعية “قمر لكل الليالي”، في تلك الأيام كان لقاء إذاعي مع شاعر يستحق البث في نشرة إخبارية رئيسية وكانت تحدث مفاجآت جميلة لبعض زملائنا كأن ينزل ياسر عرفات دون إعلام مسبق ضيفا على سهرة إذاعية تحيي ذكرى الشاعر معين بسيسو! يا لتلك الأيام!! (مواصلة القراءة…)