تركيا أو أفغانستان ؟

تركيا أو أفغانستان ؟

من تداعيات عرض الشريط الإيراني بيرسيبوليس على قناة نسمة التلفزيونية، ارتفاع درجة الحرارة الثورية في الشارع التونسي، فقد انطلقت الحملة الانتخابية في جوّ من “الوفاق العام”  بعد نهاية آخر مطبات المرحلة الانتقالية ونعني بها مشروع الاستفتاء الذي لم يصمد لأسباب لوجيستية ولم يشقّ الصف السياسي بقدر ما وحّد اللاعبين الأساسيين حول جملة من الضوابط لرسم خطوط فترة ما بعد الانتخابات، ولكن لم يتسن لهذا الهدوء أن يتواصل وعاد مسلسل الصراع بين السلفيين والحداثيين إلى الواجهة ناسفا بعض المكاسب التي تحققت سياسيا في الفترة الماضية متهدّدا لا سلامة المسار الديمقراطي فحسب وإنما السلم الاجتماعي ومكتسبات المجتمع التونسي كذلك..

فلئن كانت النهضة تتقدّم إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بوصفها الحزب السياسي ذا المرجعية الدينية الأكثر ملاءمة لمقتضيات الانتقال الديمقراطي في تونس التي تنتمي إلى عصر الحداثة فإن مظاهرات “استعراض القوّة” عشية الجمعة 14 أكتوبر 2011 تكشف الوجه الآخر لرقعة الشطرنج السياسية ونحن في مفترق طرق تاريخي حاسم، إذ عبّرت الفصائل الأشدّ تطرفا ومغالاة عن وجودها وعن تطلعاتها لإعادة المجتمع قرونا إلى الوراء والتخلي عن منجزات الحداثة لأنها طبعا من منظورها تعتبر خروجا عن أحكام الشريعة. وهكذا يجد المواطن التونسي البسيط نفسه وهو الذي يخشى دائما على طمأنينته وأمنه موزعا بين مظهرين من مظاهر “الإسلام السياسي” أحدهما يناقض الآخر تماما، إنه يرى على شاشة التلفاز قياديين سياسيين إسلاميين غير ملتحين وبثياب افرنجية، يبتسمون ويتحدثون ويضحكون وينشئون التحالفات الخفية والعلنية حتى مع السياسيين المنعوتين تقليديا في الذهنية العامية بأنهم من أعداء الدين لأن الدين حسب مذهبهم هو أفيون الشعوب، وهو يرى في المظاهرات التي تندلع بين الفينة والأخرى نصرة لله ورسوله متدينين عتاة غلاظا شدادا يرتدون ملابس لا تشبه ما تعوّد التونسيون ارتداءه منذ قرون، هم في الغالب شبان في مقتبل العمر ومن آفاق اجتماعية متواضعة تتعلق الشعارات التي يرفعونها بالكراهية والانتقام والدعوة إلى تصفية الخصوم الكفار. (مواصلة القراءة…)