Tag: المنصف المرزوقي

فلتة لسان المرزوقي!

تكاد تجمع الآراء على أن الرئيس قيس سعيّد قدّم لمعارضيه هدية ثمينة بدعوته السلطة القضائية إلى التحرّك ضدّ الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي على خلفية تصريحات صحفية، وذلك لسببين على الأقل: أولا أن إصدار بطاقة جلب دولية ضدّ «المظنون فيه» بسرعة قياسية يعزّز التهمة الموجهة للقضاء التونسي بأنه (قضاء تعليمات) بما يضعفه في الخارج والداخل. وثانيا، إمكانية توظيف هذه القضية لتعزيز الفكرة التي تحاول المعارضة ترويجها في الأوساط الدولية حول ميول الرئيس الاستبدادية وضيق أفقه الديمقراطي.

الدكتور المنصف المرزوقي
الدكتور المنصف المرزوقي

وخصوم الرئيس الذين يشكلون كتلة واحدة تحمل ملامح جبهة 18 أكتوبر التاريخية، يدافعون بلا تحفظ عن حقّ المرزوقي في أن يقول ما يشاء، أينما يشاء، وكيفما يشاء، تحت لافتة حرية التعبير!  والحال أن قضيته تبدو في الظاهر قضية سياسية حقوقية لكن لو دققنا النظر في بعض تفاصيلها لبدت مختلفة. فبالعودة إلى الحوار الذي أجرته قناة «فرنسا 24» مع الدكتور المنصف المرزوقي يوم 13 أكتوبر سأله الصحفي عمّا إذا كان معنيا باتهام الرئيس أشخاصا لم يذكرهم بالاسم يسعون إلى التأثير على سلطة القرار الفرنكوفونية من أجل تأجيل القمة التي كان مزمعا عقدها في جزيرة جربة أو إبطالها، فأكّد ذلك وأردف بأنه فخور بما فعل! لأن تنظيم هذه القمة في بلد يشهد انقلابا هو تأييد للدكتاتورية، وفق تعبيره.  ويأتي هذا الموقف بمنتهى الصراحة والوضوح وبشكل لا يختلف فيه اثنان، ولا يسمح بالقول لاحقا بأنه قد انتزع من سياقه، والدليل على ذلك أن كبريات وكالات الأنباء والقنوات الإخبارية عبر العالم قد تناقلته بنفس الصيغة وصدّرت به عناوين برقياتها.

ويبدو أن الدكتور المنصف المرزوقي قد انتبه إلى أن إجابته تلك فُهمت بشكل مختلف عما قصده، وأنه أعطى لنفسه من حيث لا يدري دورا لا يتناسب وحجمه الحقيقي، حين أوهمت طريقته في الإجابة عن السؤال بأنه مؤثر في القرار الفرنكوفوني. ولذلك سعى إلى تعديل موقفه بعد فوات الأوان، ففي حوار أجراه معه موقع الجزيرة نت يوم 15 أكتوبر قال «أنا أكذب تكذيبا قطعيا هذا، فأنا لم أتدخل أبدا لدى الفرنسيين لإلغاء هذه القمة، ولم أتدخل أو أتصل بأي طرف، وكل ما فعلتُ هو أنني عبّرت عن موقفي وكتبت هذا في صفحتي على الفيسبوك.. وأنا أفتخر بهذا الموقف الذي اتخذته لأنه موقف الدفاع عن الديمقراطية في بلدي».

               أدى هذا التلعثم الواضح في التعبير عن موقف خطير إلى أن يجد كل طرف ضالته، فبينما اعتمد القضاء الصيغة الأولى ذهب أصدقاء المرزوقي وأعداء قيس سعيّد معا في الاتجاه الثاني، فقال أحمد نجيب الشابي «إن ما صرح به الدكتور المرزوقي رأي وموقف سياسي، اتفقنا معه أم خالفناه» واعتبر سمير ديلو أن مذكرة الجلب الدولية يمكن أن تشوه سمعة البلاد أكثر من «ترحيب المرزوقي بتأجيل القمة الفرنكوفونية»، وأقرّ عشرات النشطاء الحقوقيين والمثقفين من مشارب مختلفة في عريضة مساندة وقّعوا عليها بحقّ الدكتور المنصف المرزوقي في التعبير عن آرائه في علاقة بالوضع في تونس، بعد انفراد الرئيس قيس سعيد بالحكم.

من الواضح أن جبهة المساندة هذه لم تأخذ بعين الاعتبار مسؤولية المرزوقي في الورطة التي وضع نفسه فيها بحضوره المستمر وغير المدروس في المنابر الإعلامية وعدم قدرته على التعبير بدقة في سياقات تتطلب كثيرا من الحذر، وهو ما يستوجب الاعتذار قبل المعاندة واتهام الآخرين بالتحريف والتزوير. وقبل اتهام الرئاسة بالتغول فالرئيس لم يرتكب جرما عندما يطلب من وزيرة العدل إثارة التتبع القضائي، ولا يمكن مقارنة ذلك إذا ما اعتبرناه تدخّلا في سير القضاء بممارسات أخرى لم نشهد ضدها احتجاجات مماثلة على غرار حجب ملفات القضايا الإرهابية والمماطلة في التحقيقات أو التعسف في استخدام الإيقاف التحفظي وتحجير السفر.

وفي ظلّ ما تشهده المرحلة من تمزّق في نسيج الوحدة الوطنية بفعل تصاعد الشعارات الشعبوية المعادية للنخب، من المؤسف أن تنزلق هذه الجبهة التي تتألف من خيرة السياسيين والأكاديميين والمثقفين وراء «فلتة لسان» يتحمل صاحبها وحده مسؤوليتها، من المؤسف حقا أن تترك وراءها سياقا كاملا للانتقال الديمقراطي أفضى إلى لحظة 25 جويلية وسط هتافات الجماهير التي لا يمكن بأي حال التظاهر بعدم رؤيتها لتدافع عن فلتة لسان!،  إن ذلك يؤكد مرة أخرى عمق الهوة التي تفصل هذه النخبة عن الشعب، وكأنها لا تكترث البتة بالصورة التي يحملها عنها ولا تتطلع يوما إلى رأب الصدع. فلئن أفضت تحركاتها هذه في مساندة المرزوقي إلى تحشيد المنظمات الحقوقية الأجنبية جريا على العادة فإنها لن تزيدها في الداخل إلا عزلة بوجود قيس سعيّد أو بدونه.


قيس سعيّد والإسلام السياسي

بإعلانه تجميد اختصاصات مجلس الشعب وجّه الرئيس قيس سعيّد أعنف ضربة سياسية من نوعها لحزب حركة النهضة خلال عشر سنوات كاملة من الممارسة الفعلية والمتواصلة للسلطة. وتركزت القراءات الأولى لقرارات الخامس والعشرين من جويلية في اتجاهين: اتجاه يرى أن ما حدث يمثل تصحيحا لا بد منه لمسار ديمقراطي معطوب، واتجاه يصفه بالانقلاب الذي سينهي تجربة الإسلام السياسي في تونس.

الانقلاب في مواجهة الانتفاضة:

الرئيس التونسي قيس سعيد

الرئيس التونسي قيس سعيد

كانت حركة النهضة أول من وصف قرارات 25 جويلية بالانقلاب لأن الرئيس عند استخدامه الفصل ثمانين من الدستور الذي يتيح له اتخاذ تدابير في مواجهة «خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها» لم يتقيّد بشرطين أساسيين: بقاءِ المجلس في حال انعقاد دائم وعدمِ حلّ الحكومة. من ثمة لا تمثل هذه القرارات من وجهة نظرها انقلابا على الشرعية فحسب، بل خرقا جسيما للدستور، بما يوحي ضمنيا بتوفر الشرط الذي يتيح للمجلس -لو قُدّر له أن ينعقد من جديد- سحبَ الثقة من الرئيس!

(مواصلة القراءة…)


عن المنصف المرزوقي وحرّية الإعلام في عهده

الدكتور المنصف المرزوقي

الدكتور المنصف المرزوقي

يتباهى الدكتور المنصف المرزوقي بأنه لم يسجن طيلة فترة إقامته في قصر قرطاج رئيسا للجمهورية أي صحفي، وهو يعتقد أن هذا التسامح الرئاسي مع الصحافة هو أحد أهم الإنجازات التي يمكن التباهي بها. والمرزوقي يصدر في هذا الموقف عن خلفية حقوقية تقوم على الاعتقاد بأن السلطة السياسية لا تملك إزاء الصحافة الحرّة والمنفلتة إلاّ التهديد بالسجن، وهو تصور نمطي أحادي ضيق الأفق يتجاهل عمدا أن مجالات التضييق على الصحفيين أكثر من أن تحصى، بل قد يكون السجن أحيانا أقلها عبئا لا سيما إذا ما تعلق الأمر بثلب ومخالفة صريحة لمواثيق المهنة وأخلاقياتها.

للتدليل على ذلك وشرح الموضوع للدكتور المنصف المرزوقي إذا ما أتيح له الاطلاع على هذه الكلمات، أنقل هنا نص تدوينة سرعان ما حذفها صاحبها بعد نشرها لأسباب غير معروفة، وهي «رسالة مضمونة الوصول إلى عبد اللطيف المكي وتنبيه إلى بعض المخبرين بالتلفزة من هذا الطرف أو ذاك» وفق تعبير الكاتب، ولا ضير في إعادة نشرها مع تغطية بعض الأسماء احتراما لرغبة صاحبها في سحبها، يقول: «ذات مساء من سنة 2012 رتب لنا (م.ع) الاجتماع بالسيد لطفي زيتون المستشار السياسي لرئيس الحكومة حمادي الجبالي قصد مناقشة مشاكل التلفزة التونسية. كنا مجموعة من التلفزة يرافقنا محمد المدب من الإذاعة الوطنية، وقد وقع الاستعداد لهذا اللقاء عبر تقسيم الأدوار بيننا، ووقع الاتفاق على أن أبدأ أنا الحديث بإعطاء بسطة عن التلفزة الوطنية وعن مشاكلها وكيفية النهوض بها لتصبح مرفقا عموميا يستجيب لتطلعات المواطنين، وهكذا كنت أعتقد، غير أن الحقيقة كانت غير ذلك، واللقاء كان مرتبا لأمر آخر.

حوالي الساعة الخامسة مساء وقع استقبالنا بقاعة محاذية لمكتب رئيس الحكومة، وبعد عبارات الترحيب والمجاملة أخذت الكلمة، وبدأت الحديث كما اتفقنا، ولكن في الأثناء لمحت نظرة استهزاء من كلامي من لطفي زيتون، وعند سؤالي أجابني حرفيا بأنه ومن معه لا يعنيهم كلامي ولا تعنيهم مشاكل التلفزة بقدر ما تعنيهم «الأخبار» وكيف يمكن تطويعها لفائدتهم، أحسست حينها أنني في المكان الخطأ مع الأشخاص الخطأ!
مباشرة أخذ هو الكلمة وتساءل عمّن يمكنه أن يتقلّد منصب رئيس مدير عام الإذاعة التونسية عوضا عن السيد الحبيب بلعيد، أجابه في الحين (م.ع) بأنه أحضر معه «محمد المدّب» لتقلّد هذا المنصب وهو الوحيد الذي يمكنه أن يطبق ما يطلب منه،  ثم تساءل عمّن يمكنه تقلّد منصب رئيس مدير عام التلفزة فأجابه المهندس (م.س) من التلفزة بأنه أهل لذلك.

لطفي زيتون

لطفي زيتون

خلت الأمر هزلا، لكن من الغد بلغني أن غاية الاجتماع كانت هذه، وبعد مدة علمت من أحد الحاضرين أنه وقعت الموافقة على تعيين محمد المدب على رأس الإذاعة التونسية، وهم مدعوون إلى التكتم على الخبر إلى حين صدور التعيين بالرائد الرسمي حتى لا تقع شوشرة، خاصة أن البلاد تعيش حالة احتقان شديدة على الإعلام العمومي».

عند هذا الحد تنتهي التدوينة، وهي تصف بوضوح شديد الأجواء داخل غرفة عمليات تسيرها النهضة في ظل رئاسة المنصف المرزوقي الحقوقي المؤتمن على الحريات وعلى كرامة التونسيين جميعا. وكل ما في هذا النص حقيقي موثق بالوقائع الثابتة. وكما يستشف مما جاء فيه فإن دور «الطابور الخامس» قد لعبه (م.ع) وهو أحد العائدين إلى التلفزيون بعد الثورة بموجب العفو التشريعي العام، إذ أطرد في حادثة مشهودة أقدم فيها على قطع التيار الكهربائي يوم إعادة بث حلقة من برنامج «المنظار» مطلع التسعينات تناولت موضوع الاعتداءات الإرهابية على مقرّ لجنة التنسيق بباب سويقة! وهو هنا لا يمتلك أي صفة رسمية تتناسب والدور الخطير الذي يقوم به في الوساطة بين لطفي زيتون والمستعدين لبيع أعناقهم من أبناء الإذاعة والتلفزيون، ما يجعله أقرب ما يكون إلى المشرف على تنظيم سري أو جهاز مواز، لا سيما في تلك الفترة التي نُصبت فيها خيام روابط حماية الثورة أمام مبنى التلفزة للتنكيل بكل العاملين فيها وإهانتهم والانتقام منهم ولو رمزيا.

خبر تعيين محمد المدب

خبر تعيين محمد المدب

أما في ما يتعلق بالإذاعة، فالحادثة أصبحت معروفة، والحبيب بلعيد لم يسمع بنبإ إقالته فعلا إلا من سائقه الشخصي الذي أطلعه على نسخة من الرائد الرسمي (نعم هكذا كانت تدار الدولة!)، وقد عرفت النهضة حقّا كيف تفرض اسم مرشحها الذي ما كان ليقبل به أحد، فهو مجرّد موظف تقني في الإذاعة، مُنح في فترة إدارة «منصور مهني» إبان الفصل بين الإذاعة والتلفزيون فرصته في الإشراف على القطاع الهندسي، وأخفق لمحدودية أفقه وتواضع إمكاناته، لكنه استغلّ هذا الانفلات الذي حدث عقب الثورة ليعود في ثوب «المضطهد السياسي» في أكبر عملية تحيّل شهدتها المرحلة. والمقالات التي كتبتُها على أعمدة الصحافة في هذا الموضوع كثيرة أشهرها مقال بعنوان «الإذاعة التونسية من عثمان الكعّاك إلى محمد المدّب» إذ منحت الترويكا مع الأسف هذا الشخص صلاحيات واسعة النطاق لا تتناسب ومؤهلاته ولا تليق بدولة يزعم حكامها أنها دولة القانون والمؤسسات، ولعل أبرز إنجاز يمكن له أن يتباهى به اليوم هو توقيعه على قرار فصلي من الإذاعة التونسية إثر التحاقي للعمل بالخارج، وحرماني من حقي في الإلحاق بوكالة التعاون الفني، وربما لا يعرف السيد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية آنذاك أن كل الزملاء الذين حرموا من التعاون الفني صدر قرار طردهم من الرئيس زين العابدين بن علي شخصيا، لا لشيء إلا لاعتقاده أن العمل في قناة الجزيرة يساوي «خيانة الوطن» وأن كل ما فعلته الإدارة بعد ذلك هو إخراج مسرحي قانوني كتنظيم مجلس تأديب صوري ينتهي إلى إصدار قرار الفصل النهائي، لكن صاحبنا لم يكن في حاجة حتى إلى مثل ذلك في عهد الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان حيث يمكن له أن يفعل ذلك بجرة قلم بسيطة!

ولكم أضحكني الدكتور المنصف المرزوقي وهو يخاطب «إلياس الغربي» في أول حلقة من برنامج «ميدي شو» يقدمها في موزاييك بوصفه «من الجيل الجديد الذي يعول عليه في دعم الانتقال الديمقراطي»، فلست أدري إن كان يعلم أو لا يعلم أن كل الذين يهيمنون على المشهد الإعلامي اليوم صنعتهم الإذاعة والتلفزة الوطنية، وهم من اكتشافات المرفق العمومي في منتصف التسعينات عندما تأسست قناة 21 ومن بعدها إذاعة الشباب لتجديد المشهد الاتصالي بأوامر رئاسية وتوجيه سياسي. سنذكر هنا بمرارة ذلك الوصف المهين الذي استخدمته «أم زياد» في وصف المشهد حين قالت: «خسارة أن أول صفحات الحرية سيكتبها العبيد» ليعلم المرزوقي أن الاستعباد أشد وطأة من السجن، فبعدما حرّرت الثورة أبناء الإعلام العمومي لم يكن أحد ليقبل لاحقا بأن يتعامل معهم بوصفهم أحرارا، وتكشف القصة التي عرضناها المخطط الذي تم تنفيذه لغلق أبواب الأقفاص مجدّدا وتغيير السجّانين.

ليت الدكتور المرزوقي سجن من أخطأ في حقّه وكان منصفا بحقّ!


الخروج من بيت ميكيافيلي

ميكيافيلي

ميكيافيلي

عندما تحدّث الدكتور المنصف المرزوقي في برنامج تلفزي عن خصوصيات الحالة التونسية معتبرا في المطلق أن السياسة أخلاق أولاّ، علّق بعض الأصدقاء على ذلك بشيء من الامتعاض العابر والإحساس المتسرّع بخيبة الظن، فالسياسة لم تستقم في أذهاننا منذ كنا صغارا نحبو في بيت الدولة الحديثة وديمقراطيتها التي لم تغادر طيلة نصف قرن حيّز النـوايا والوعود، إلا بما هي ضدّ الأخلاق المتعارف عليها في الكتب والدساتير والأعراف والقوانين، والسياسي الذي عاشرناه في القرية والبادية والمدينة لا يستحي من الانقضاض على أوّل فرصة تأخذه من يديه إلى مصعد السلطة، وأن يضع قدميه على أكتافك كي ترتفع هامته وتطلّ على موكب الرئيس ، السياسي النموذجي الذي تربّــى جيلنا في حضرته يستطيع أن يغيّر فكرته كما يبدّل قمصانه أو سراويله أو إطار نظاراته الطبية كلّما عنّ له أنّ الواقع يستدعي تغيـيرا ما، فلم يستطع أن يُـغـيّر بأفكاره الواقع على قسوته وحدّة وطأته.

بدت فكرة الدكتور المرزوقي غريبة بل قل طوباوية مثالية لا تتناسب والحالة التونسية التي يعتقد الكثيرون أنها تتطلب حلولا عاجلة، فالشعب التونسي يجتاز مرحلة صعبة على الصعيد النفسي الجماعي بسبب الانتقال السريع والمفاجئ من هيمنة الدكتاتورية وضماناتها العتيدة إلى مشروع ديمقراطي مفتوح على كل الاحتمالات، وبتراخي قبضة الشارع وانفكاك ضغطه تحت وطأة الأمر الواقع، أصبح لزاما علينا أن نغالب إحساسا بالخيبة يعتمل في داخلنا عندما نتحدّث عن الثورة عَــلَـــنًا، فبينما يرتفع وجيب قلوبنا خوفا من تداعيات الفوضى والعنف واللاشرعية والانتهازية السياسية والتحزّب المفرط والانهيار الاقتصادي الممكن، نغالب كلّ ذلك ببعض التفاؤل المصطنع ونقول لمن يهمه السؤال عن أحوالنا: “إنا بخير والحمد لله”، مُــردفين ذلك بابتسامة بلاستيكية بيضاء تترجم بياض الياسمين الذي يُسمُّـون به الثورة التونسية إلى اللغات الأجنبية رغم أن دماء الشهداء لم تكن في يوم من الأيام بيضاء بل قانية كدم الأفق النازف والخوف المجروح والكبرياء الجميل، ولست أشكّ في أن بعضا ممن يتغنون بالثورة وأمجادها قد يضطرّون إلى لـوم البوعزيزي سرًّا على تهوُّره، أو على الأقل يندبون حظا تعيسا جعلهم لا يتوقعون أمرا عظيما كهذا. (مواصلة القراءة…)


المنصف المرزوقي في المقهى السياسي

قدّمت إذاعة المنسيتر صبيحة الأحد 19 جوان 2011 عددا خاصا من البرنامج الأسبوعي “المقهى السياسي”تحول فيه فريق البرنامج إلى ضاحية

عامر بوعزة مع المنصف المرزوقي والطاهر هميلة بمناسبة حلقة من المقهى السياسي يوم 19 جوان 2011

مع المنصف المرزوقي

القنطاوي مقر إقامة الدكتور المنصف المرزوقي المفكر والمناضل السياسي المعروف ورئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وكانت بعض الأطراف عبرت عن رفض حضور الدكتور إلى مقر الإذاعة على خلفية موقفه من الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وهو ما شكل مدخلا للبرنامج تولى خلاله الضيف توضيح موقفه من هذه المسألة

Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here. You also need to have JavaScript enabled in your browser.

علينا استلهام أفضل ما في التجربة البورقيبية: أولوية التعليم

وردا عن سؤال يتعلق بما إذا كان توظيف النزعة البورقيبية يهدف إلى تضييق الساحة السياسية واستعادة النعرات القديمة باستغلال مشاعر العامة تجاه الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة أكد الدكتور المنصف المرزوقي أنه من الممكن جدا اليوم استلهام النقاط المضيئة في التجربة البورقيبية على غرار أولوية التعليم في فكره الإصلاحي أما بالنسبة إلى الديمقراطية فيعتقد الضيف أن إخفاقات بورقيبة في هذا المجال لا يمكن اليوم إنكارها تحت أي تعلة

Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here. You also need to have JavaScript enabled in your browser.

(مواصلة القراءة…)


Copyright © 1996-2010 آراء حرة. All rights reserved.
View My Stats iDream theme by Templates Next | Powered by WordPress