Tag: إصلاح الإعلام

رجـــــل الهــــــايكا

vintagestyle-radio-originalفي معرض دفاعها عما تبقى من الهايكا قالت الرئيسة السابقة للنقابة الوطنية للصحافيين: … الزميل الحبيب بلعيد، عضو الهايكا، المذيع المهني والغيور على الإذاعة والإذاعيين والوحيد الذي كان يخالف التعليمات ويمرر أغاني الشيخ إمام ومارسيل خليفة…. لتتربى أجيال وأجيال على أنغام الثورة والمعارضة رغم جماعة يا سيد الأسياد وجماعة “بوهم الحنين”….

هذا الكلام الناعم الجميل في شخص أول مدير لإذاعة الشباب في عهد بن علي وأول رئيس مدير عام للإذاعة التونسية بعد الثورة وعضو الهايكا الحالي لا يخلو من بعض التجاوزات التي تستحق أن نتوقف عندها قليلا رغم احترامنا لتجربة الرجل الإذاعية، فالأوصاف التي أغدقتها عليه قد لا يصدقها هو نفسه عن نفسه، سيما وقد ارتفع إيقاع الطبل كثيرا في عبارتها: الوحيد الذي كان يخالف التعليمات!!

لا شكّ أن الأغاني الملتزمة كانت مصدر امتعاض بعض المسؤولين من ذوي الأفق المحدود والرؤية المسطحة وقد كانوا كثرا في أروقة الإذاعة العمومية ومكاتبها، لكن لم تكن ثمة تعليمات بمنعها، وقد ارتبطت هذه الأغاني بسياقات لم تكن للنظام السياسي مشكلة معها، كالقضية الفلسطينية والحرب اللبنانية وغيرها من الثورات، وكان له من الدهاء ما يمنعه من الوقوع في مقاومة الأغاني وملاحقة الرسائل المشفرة التي يتوهم بعض المذيعين أنهم بصدد إرسالها إلى الناس إذا ما أسقطوا نصوص الأغاني على واقعهم. بل إن عبقرية التجربة التونسية جعلت من أغنية أولاد أحمد: “نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد” أغنية وطنية رغم أنها تنتقد التهجير والتشريد والإقصاء، وفي حفل مائوية الشابي قرأ أولاد أحمد أيضا أمام وزير الثقافة في توزر رسالة تضمنت نقدا سياسيا لاذعا بأسلوب ساخر، وعرضت القناة الثانية وقائع الحفل كاملة دون اجتزاء، هذه بعض النماذج وغيرها كثير لمن يريد إيهامنا اليوم بغاية رمي التاريخ في المزبلة أن الوضع الإعلامي والثقافي كان في عهد بن علي في منتهى القتامة والانغلاق والتردي، وأن ثقافة الأب الحنون وحدها هي الطاغية حتى أصبح مجرد بث أغنية للشيخ إمام هو عنفوان الثورة والمجد. هذا غير صحيح بالمرة، فالمشهد الإذاعي كان بانوراميا تتعايش فيه كل ألوان الطيف، ويمكن العودة بسهولة إلى شهادات ختم الدروس الجامعية بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار للوقوف على نماذج رائدة ومجددة في العمل الإذاعي احترمت العقل التونسي وحق المواطن في إبلاغ صوته وناقشت المسألة الاجتماعية دون أن تقدم بالضرورة أغاني الشيخ إمام ومارسيل خليفة وأخواتها مما اختص بها زميلنا المذكور أعلاه.

لم يكن الحبيب بلعيد الوحيد الذي بث أغاني الشيخ إمام في الإذاعة التونسية لكنه كان الوحيد الذي كافأته الثورة على ذلك وغفرت له بفضلها كل ما تقدم من عمله الإذاعي وما تأخر، وكأنه لم يفعل في حياته المهنية غير هذا، في وقت نصبت فيه محاكم التفتيش لقراءة الضمائر والنوايا وملاحقة الشبهات البنفسجية لدى الجميع. وكان مؤسفا حقا أن يلجأ زميلنا المتقاعد عندما أصبح الفاتق الناطق في المؤسسة إلى أساليب تَوهّمنا أن الثورة قد قضت عليها وأن من تربى على قيم الأغاني الملتزمة لا يمكن أن يقبل بها بأي حال، فما قيمة الأغنية إن لم تقوّم النفس الأمارة بالسوء وتهذبها وتزرع فيها بذور الحكمة والأمانة والصدق والإخلاص؟

ما كنت لأكتب في هذا لكن الشيء بالشيء يذكر، فمثل هذا الموقف يعيد بإلحاح إلى الواجهة ضرورة تحري المسألة الإعلامية في العهد السابق وقراءتها بتأن وبلا تشف، نريد قراءة ثلاثة وعشرين عاما من الإذاعة والتلفزة بعين العدل والقسطاس، بكثير من التواضع للحقيقة، بعيدا عن المعرفة المسطحة والإسفاف. فلقد قادتنا صفحات التواصل الاجتماعي إلى ثقافة سهلة مريحة ملطخة بالدماء الآدمية التي ينثرها هنا وهناك آكلو لحوم البشر، والنقيبة قد اكتوت بنيرانهم طويلا.


لن أصمت بعد اليوم

بقلم الدكتور محمد الفهري شلبي
الدكتور محمد الفهري شلبي

الدكتور محمد الفهري شلبي

صمت طويلا. قررت ألا أصمت بعد اليوم . هاكم لمحة سريعة عن القضية التي جعلتني أنقم أحيانا على أشياء كثيرة سبق أني تحدثت عنها منها أني تعلمت. لو لم أفعل لكنت في الشقاوة أنعم.
ملف القضية معروف في شأننا، الرؤساء المديرين العامين الذين تداولوا على المؤسسة منذ 2002. سأتحدث باسمي، فأنا سيد نفسي اليوم، و أترك لزملائي الحديث عن أنفسهم و إن كان ما سأقول يخص القضية فهو يخص الجميع.
التهمة الموجهة إلي هي أنني اشتريت برامج كاكتوس دون اللجوء إلى قانون الصفقات العمومية و بالمقايضة.سأترك الحديث عن القانون و عن المنطق جانبا الآن و أذكر لكم ما قاله رئيس الحكومة علي العريض قبل عام و نيف بتاريخ 30 ماي 2013.
1-المستوى السياسي
“أعلن رئيس الحكومة،علي العريض أنه تم الترخيص للتفزة التونسية وبصفة استثنائية باعتماد صيغة المقايضة بالمساحات الاشهارية بالنسبة لبرمجة شهر رمضان المقبل وذلك في إطار دعم مواردها”. و هاكم الرابط.
يعني هذا ببساطة شديدة أن السجان أقر صراحة أنه لم يكن في وسع التلفزة و لا في وسع المسجونين آنذاك و الممنوعين من السفر اليوم انتاج مواد درامية و غيرها لشهر رمضان بالموارد المخصصة للتلفزة ، و هذا بعد مغادرة كاكتوس بعامين مما يفترض أن الأوضاع تحسنت.
كان رد مجلس إدارة التلفزة الرفض لأنهم أدركوا أنه طُلب منهم فعل ما سُجن من أجله أربعة أشخاص أنا خامسهم. و كان رضا السعيدي المكلف بالملف الاقتصادي صرح قبلها في بداية أفريل بالشيء ذاته. .” أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم؟”
2- المستوى القانوني
ينص قانون عدد 33 لسنة 2007 المؤرخ في 4 جوان 2007 و المتعلق بالمؤسسات العمومية للقطاع السمعي والبصري على ما يلي في فصله السابع:
” تخضع صفقات المؤسسات العمومية للقطاع السمعي والبصري وكذلك الاتفاقيات التي يترتب عنها انعكاس مالي إلى التراتيب العامة في مادة الصفقات العمومية فيما يتعلق بنفقات التجهيز والتسيير العادي. وتُضبط بأمر أنظمة خاصة تحدد شروط وإجراءات اقتناء حقوق بث وملكية الأعمال السمعية البصرية وتنفيذها” (الرابط)
بربكم هل بعد هذا وضوح؟ ما الذي يخضع إلى التراتيب العامة المعمول بها في الصفقات العمومية؟ هي النفقات المتصلة بالتجهيز وبالتسيير العادي. و ماذا عن المواد السمعية البصرية ؟ أنظمة خاصة تُحدد شروط وإجراءات اقتناء حقوق بث وملكية الأعمال السمعية البصرية وتنفيذها.
ماذا يعني هذا؟ أن القانون يقر صراحة بأن المواد السمعية البصرية لا يمكن أن تخضع إلى تراتيب الصفقات العمومية. تخضع إلى أنظمة خاصة ، و كنا في أكتوبر 2010 بصدد وضع اللمسات الأخيرة لمشروع أمر ينظم هذا القطاع.
عندما جابهت من سألني عن ذلك أجابني بأنه كان على انتظار صدور الأوامر. يعني أمتنع عن شراء أي مضمون إعلامي بما في ذلك حقوق بث المقابلات الرياضية و الحال أني مطالب بالقانون أن أسهر على عدم توقف البث في الخدمة العامة. الأمر المنظم هذا لم يصدر إلى الآن. من كان يقبل التوقف عن بث مسلسلات في رمضان في انتظار أوامر لم تصدر إلى ال’ن؟ دعوا جانبا السياسة و ما يرافقها. هل هذا كلام معقول.
هل فهمتم الآن لماذا رخّص على العريض سنة 2013 للتلفزة بأن تقتني البرامج كما كانت تتعامل التلفزة مع كاكتوس و غيرها كمحمد الحناشي الذي كان يبيع التلفزة برامج سأحدثكم عنها لاحقا؟
3-المستوى المنطقي
لماذا لا يمكن لأي تلفزة في العالم ان تشتري مواد سمعية بصرية حسب قانون الصفقات العمومية؟ مبدأ الصفقة العمومية هو أن تنشر إعلانا تقول فيه المؤسسة كذا ستقتني السلعة الفلانية حسب مواصفات محددة، كأن تقول 100 كرسي من المادة الفلانية بحجم كذا تتحمل الوزن الفلاني…. تتلقى ثلاثة عروض و يجبرك القانون على الابقاء على العرض الأقل ثمنا. تصوروا أن التلفزة تنشر إعلانا لاقتناء مسلسل؟ ما هي المواصفات التي ستحددها ؟ و إن هي حددتها هذا يقتضي أن تكون المسلسلات الثلاثة متطابقة في كل شيء حتى تأخذ الاقل ثمنا. متطابقة في كل شيء. هل هذا معقول؟
فلنفترض أنه ممكن. و سنتغلب على قانون الجاذبية. من من المنتجين يخاطر بإنتاج مسلسل كلفته 2 مليارات و هو يعلم ان له حظا على ثلاثة ليُبقى على مسلسله؟ و هل يمكن الإكتفاء بحلقة واحدة لتقييم المسلسل. العارفون بالعمل التلفزي يعلمون أن هذه نكتة لأن 15 حلقة من مسلسل واحد تنتج بشكل متواز.
تصوروا أن وزارة الثقافة تتصرف بالمنطق نفسه؟ تحدد شروطا و تنتظر ثلاث فاطمات بو ساحة و تأخذ الفاطمة الأقل سعرا؟ و هذا يقتضي بطبيعة الأمر استنساخ المرأة ثلاث مرات…عندما جاءت وزارة الثقافة بأزنافور، هل اتبعت مسلك الصفقات العمومية؟
هل فهمتم الآن أنني سجنت ظلما مرتين و منعت من السفر ظلما و لطخت سمعتي ظلما حتى البارحة على الفيس بوك؟
ماذا بقي؟ التجاوز في الإشهار. جيد. هاكم التفسير: لما تم فصل الإذاعة عن التلفزة عام 2007 لم يُحدث هيكل تنظيمي للتلفزة عندما أصبحت مستقلة عن الإذاعة. لما توليت منصبي في جويلة 2009 سألت عن ذلك و قدموا لي مشروعا أعده سلفي و رفضته سلطة الإشراف و قُدم لي ذلك في سبتمبر 2009. و بدأنا بالاشتغال على ذلك و طالبت النقابة في مفاوضات مضنية مطالب كثيرة من بيينها المشاركة في إعداد الهيكل التنظيمي. و كنت منشغلا بنقل التلفزة إلى مقرها الجديد بسواعد بنات التلفزة و أبنائها. لن أفصل و سأكتفي بالقول إن قنوات تلفزية فرنسية استعانت بالأمريكان…
و ما لم يكن هنك هيكل جديد يبقى الهيكل التنظيمي القديم ساري المفعول، و هو أمر عدد 1296 بتاريخ 4 جوان 1999. ماذا نجد في هذا النص:
الفصل 36 يقول: “تكلف إدارة القناة الوطنية –قناة 7 خاصة- بإعداد و ضبط سياسة المؤسسة في ميدان البرامج التلفزية و بالعمل على الإرتقاء بالثقافة و الحضارة التونسية و بالقيام بالإنتاج الخاص بالقناة و بالبرمجة و البث و متابعة البرامج التلفزية”.
الفصل 38 يتحدث عن المصلحة الفرعية لبرمجة قناة تونس 7 التي تشتمل على مصلحتين:
-مصلحة البرمجة و مرافبة البث
-مصلحة مشاهدة البرامج.
كل هذا تحت إشراف مدير قناة تونس 7. فمن هو مطالب بأن يرى التجاوز في حجم الإشهار؟ هل الرئيس المدير العام أم أناس آخرون؟
ملاحظة: كل كلمة قلتها هنا و سأقولها موثقة إما نصا أو شهادة.
د محمد الفهري شلبي

———————
المزيد حول نفس الموضوع

كلنا محمد شلبي، كلنا ذاك الرجل
ساعة الرئيس المعطلة


إذاعة المنستير من دكتاتورية لأخرى

الشيخ منور المدني

بالأمس كانت اذاعة المنستير تسمى “عروس البحر” بما تحمله هذه التسمية من عمق البحر واتساعه وجمال العروس وانطلاقتها نحو الاحلام..، واليوم تغير شعارها الى “الصوت الحر” لتنكتم فيها الأصوات وتقبر الكفاءات وتقصى سواء من بداخلها أو من المتعاونين الخارجيين.

بالأمس كان إشعاعها متميزا واليوم سبقها غيرها تألقا وإشعاعا واستقطابا لتتخذ أدنى المراتب في إحصاءات المحصين وفي آذان المستمعين.

بالأمس أدارها اهل الاعلام المختصون، أجيالا وأجيالا من الرجال المتمرسين العارفين بخصوصيات الإعلام رغم الهزات والضغوطات من بورقيبة الى بن علي..، واليوم – بعد الثورة على الموروث المقيت- يديرها مؤقتا من اختصاصه الآداب والعلوم الانسانية، وكان الظن أن تسير الامور في هذه الاذاعة سيرا طبيعيا مواكبا لمتطلبات المرحلة الثورية بطاقاتها الذاتية بعد ان تخطت بنجاح وتميز الايام العصيبة الاولى رغم ما أحدثته الثورة بعنصر المفاجأة وعدم تمرس اهل الاذاعة بهذه المستجدات المتسارعة والمذهلة والصادمة دون ان تكون آنذاك في حاجة الى مدير اذ تواصل تسييرها بتألق دون ادارة مباشرة لأسابيع، لكن حين جيء بالمدير الجديد المؤقت الدكتور جميل بن علي أستاذِ اللغة والآداب العربية كانت التطلعات مشرئبة نحو طفرة نوعية وقفزة إعلامية تحققها “عروس البحر“- بعد أن كانت ككل وسائل الإعلام التونسية لا تمثل سوى النظام الحاكم ولا تعكس سوى ما يريده, الأمر الذي جعل الإعلام عموما يمر بأزمة حقيقية تمثلت بفقدانه الدور المؤثر في صناعة الرأي العام إضافة إلى ضعف التأثير على المتلقي… فتوجه هذا المتلقي وخاصة الشباب إلى وسائط أخرى أكثر حداثة واجتماعية وأكثر قدرة على تلبية طموحاته، وفي نفس الوقت أكثر قدرة على المرور من بين يدي الرقيب السياسي- وخاب الظن وانهارت التطلعات وهي ترى الاذاعة الجهوية بالمنستير بدل ان تنتقل من دكتاتورية الماضي وتتخلص من براثن اللوبي الاعلامي الذي جثم على صدرها وبقية المؤسسات الاعلامية لسنوات تقع في دكتاتورية جديدة لا تختلف كثيرا عن دكتاتورية الماضي القريب..، هذه الدكتاتورية تلتمس من خلال الحقائق التالية: (مواصلة القراءة…)


هــل مرّت الثورة من هنا ؟

التلفزة التونسية

التلفزة التونسية

الإعلام العمومي السمعي البصري في تونس تركة ثقيلة من عهد بن علي من الصعب تجاهلها أو توهم القدرة على إصلاحها بمجرّد تغيير القوانين أو إضفاء لمسة من الديمقراطية الثورية عليها، والجماهير تؤكد ذلك بأكثر من وسيلة وتقول إن دار لقمان هي إلى الآن على حالها مع وجود بعض الاستثناءات البادية للعيان والتي لا يمكن إنكارها رغم أنها تبدو أقرب إلى الماكياج الثوري منها إلى التعبير عن حالة صحوة حقيقية تبعث على الاستبشار.

أزمة الإعلام السمعي البصري العمومي في تونس مبنية على جملة من العوامل الأساسية لا يمكن لعمليات الإصلاح والترميم أن تتجاهلها أو تقفز عليها، أولها ارتباطه لسنوات طويلة بالجهاز الاستشاري في القصر الرئاسي ارتباطا يتجاوز عقد الولاء السياسي إلى التبعية الآلية لشخص المستشار، لقد حاول الهيكل الوزاري المشرف على القطاع تنظيم وسائل الإعلام العمومية وتغيير هيكلتها وإعطاءها دفعا تستطيع أن تواجه به تراجع شعبيتها وانعدام قدراتها التنافسية إلا أن الصراعات السياسية ظلت العائق الحقيقي أمام كل مشاريع الإصلاح وظلّت مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية بمختلف قنواتها محطّ أطماع عديد الأطراف. (مواصلة القراءة…)


Copyright © 1996-2010 آراء حرة. All rights reserved.
View My Stats iDream theme by Templates Next | Powered by WordPress