150180369_3983384021719625_6495798916959673256_oمكان صغير للعلم التونسي في العربة الذاهبة إلى المرّيخ، لم لا؟ وما الذي يبعث على الهزء في التماس تقدّم به رئيس الجمهورية إلى المهندس التونسي الذي شارك مع آلاف من نظرائه من كافة أنحاء العالم في تطوير مسبار المثابرة؟ ما المانع؟ ألا يستحقّ شعبنا العظيم أن يوضع علمه المفدّى في ركن من أركان الصاروخ الجديد؟ بوساطة ثمينة من المهندس محمد عبيد؟

لطالما كان استكشاف الفضاء مقترنا بالسؤال الكبير المحيّر: هل نحن وحيدون في هذا الكون العظيم؟ فعدم التوصل إلى إثبات الشيء لا يعني أنه غير موجود، وفرضية وجود كائنات أخرى تعيش في عوالم لا يمكن أن يصلها البشر بإمكاناتهم الحالية تبقى قائمة لا يمكن نقضها، ولذا أشرف عالم الفلك الشهير «كارل ساغان» على صياغة رسالة كونية على أسطوانة أرسلت إلى الفضاء الخارجي مع المسبار «فواياجر1» العام 1977. وهي رسالة تتحدث إلى من سيعثر عليها بعد ملايين السنين عن حضارة الانسان التي ربما تكون عندها قد انقرضت تماما.

 على هذا القرص تسجيلات صوتية لأكثر من خمسين لغة من لغات الأرض، ونماذج من موسيقى بيتهوفن وموزارت ومعزوفات «لويس أرمسترونغ»، فضلا عن رسالتين صوتيتين لكل من «كورت فالدهايم» سكرتير الأمم المتحدة ساعتها و«جيمي كارتر» رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي قال: «هذه هدية من عالم صغير، تعطي شيئا من أصواتنا ومن معلوماتنا، وصور وموسيقى، ومن فكرنا وأحاسيسنا. نحن نحاول البقاء وعليه فربما نعيش بعض الوقت من الزمان ونعاصركم».

ولما كان ذلك كذلك، فلا شيء يبعث على السخرية والهزء في كلام قيس سعيّد وحلمه بأن يرى العلم التونسي في الرحلة المقبلة إلى الكوكب الأحمر، بل لعله سيكون من المفيد للحضارة الإنسانية جمعاء أن تتناول وكالة أبحاث الفضاء هذه الرغبة بجدية، وأن تطلب من السلطات التونسية إعداد رسالة إلى الكائنات الفضائية. وأقترح أن تتضمن وجوبا المواد التالية على سبيل الذكر لا الحصر:

دقائق مختارة من برنامج «عندي ما نقلك». أغنية «الأماكن» بالفرنسية تغنيها إيمان الشريف، تدوينة لنائب -أي نائب- من ائتلاف الكرامة، صورة فوتوغرافية لمدخل العاصمة الجنوبي في ساعات الذروة، أو محطة المنصف باي في نهاية الأسبوع، وصفة كسكروت عياري، تسجيل صوتي لا يقلّ عن خمسين ثانية لراشد الغنوشي مع صورته وهو يضحك، صفحات من كتاب «شرع الحب»، موس بوسعادة، خريطة رقمية لموقع مطار طبرقة الدولي للاستراحات الفضائية، جبّاد، بقايا رسالة مسمومة، أغنية لكلاي بي بي جي، اسكاتش للصادق حلواس، مع مقدمة بصوت قيس سعيد نفسه يستحسن أن يذكر فيها كليلة ودمنة أو المهلهل بن أبي ربيعة الكلبي…

يحق للرؤساء أن يحلموا نيابة عن شعوبهم، فالشعوب ما عادت تقوى على الحلم، وفي انتظار أن ينظر الأمريكان في طلب الرئيس إرسال العلم إلى المريخ نرجو من فخامته أن يزورنا في أرضنا من جديد، ويكتشف معنا هذه المتعة النادرة التي لا تتكرّر، متعة أن نكون تونسيين في عهده الزاهر السعيد.